أخاف الميكروبات التي يخافها أحمد أمين، وإنما أخاف على الزيات غارات العيون، العيون الفواتك التي تصاول الآمنين والغافلين، فتحوِّل أرواحهم إلى أقباس أقسى وأعنف من طغيان السعير
وكيف يذوق العذاب من ترحمه المقادير فلا تدلّه على الطريق إلى المنصورة أو دمياط؟
ارجع إلينا، يا أحمد، قبل أن تعضك سمكة من سمكات النهر الذي أعرف وتعرف، وإلا فانتظر قدومي إليك لأشاطرك النشوة بغناء الملاحين في غفوات الليل
ولكن هل عندكم ملاح تذكر أغاريده بأغاريد الملاح الذي سمعته مرة وهو يَصدَح فوق متْن النيل في الأقصر بهذا النشيد:
فايتْ على جِسر النيل
قابَلوني اثنين حلوين
آخذ مِين وأسيِّب مين، يا بُويْ!
وحدثتنا الجرائد بأن النيل يهدر بعنف في أعالي السودان، فانتظرني عندك لأرى معك بعد شهر واحد كيف يَسهُل صيد السمك فوق ذلك الشط بأيسر عناء
أتخاف الحرب؟ لا تخف، فأعمار الأشقياء باقية!
وإن عشنا فسنقضي بقية العمر في التغريد فوق أفتان الجمال
ارجع إلينا، يا أحمد، قبل أن تعضك السمكات بشط المنصورة فقد عرفتُ بالتجربة أنها افتك من سمكات شط العرب. حرسَك الله وَحَماك!
أمَن الإثم هُتافي بالجَمالْ ... في بلاد كلُّ ما فيها جميلْ
لو بعيني نظر الملاحي وجالْ ... لرأى الفتنة في كل سبيل
اكحلوا عين الزمان بمرود الحياة
أنتم تسمعون أن الدنيا كلها في حرب، أليس كذلك!
بَلَى! ولكن الحياة لها مطالب روحية وعقلية تنسي الناس أحياناً مخاطر الحرب، والرجل الضعيف هو الذي تقهره الظروف على أن يكون ريشة في مهبْ الخطوب. أما الرجل القوي فتصطدم به المصاعب كما تصطدم الموجة العالية بالصخرة العاتية
لقد قَذيتْ عين الزمان فاكحلوها بمرود الحياة. . . كونوا أحياء في كل وقت، واحذروا