للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الوادي ويصعد قمم الصخور ينظر فلا يرى شيئاً، فيعود فيسير بنا على غير هدى، حتى نظر مرة وكان ذلك في مساء اليوم الثاني لدخولنا وادي الموت هذا. . . فلمح جبلاً فهلل وكبّر وقال: وصلنا. . . هذا شَرَوْري!

وشروري جبل قريب من تبوك أظن أن (ياقوت) قد ذكره. فسرنا إلى الليل وشروري مكانه عند الأفق لا يدنو ولا يريم، فنزلنا للمبيت. . . وعاودنا السير من الصباح فاختفى الجبل وهبطنا إلى جوف الأرض حتى وصلنا إلى موضع رأينا فيه جبلاً عظيماً يسد الوادي فتشاورنا فلم نجد بداً من صعوده بالسيارات وما تحمل من الأثقال، فجعلنا نصعد وندور ونحتال على الارتقاء حتى إذا بلغنا القمة بعد مخاوف ومتاعب لا ينفع معها وصف. نظرنا تحت أرجلنا، فإذا في الحضيض الأوهد البعيد فضاء فسيح كالبحر، في وسطه سواد، كأنه باخرة ماخرة، فقال الدليل مشيراً إليه. هذه تبوك!

علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>