يا مُقلةَ الدهرِ توارَىْ وما ... ألهاكِ عَمْن تاه في ذا الوُجودْ
لا تفجعي بالله تِرْبَ المنى ... فَمُبتَغى الأمِلِ سُؤْلٌ زهيدْ
توردُهُ الأطماعُ سبْلَ الردى ... فيُرمِضُ القلبَ العذاب الوكيد
يرضى من المغنم لو آب من ... آمالهِ وهو الحريب الشريدْ
لا يملك الأحلامَ من يأسه ... وماله عن ظلها من محيدْ
إنْ تستفيقي من دياجي الكَرى ... يَنهدُّ في نَعماهُ قصري المشيدْ
ففيه أحلامي في مهدها ... تَنعَمُ في الدنيا بعيشٍ رغيدْ
تَغمسُ في قلبي أفواههَا ... وتَسلب العين شعاع الخلودْ
غذاؤها من كبِدي ماؤها ... ولهوهُا من مَدْمَعي بالعقودْ
تزين بالأزهارِ تاجَ الصبا ... كموْجة الأطفال في يومِ عيدْ
ترى إذا ما نهِلتْ في غدٍ ... هل توِدعُ المبثوثَ عقداً فريدْ
أم تنثُرُ الأشعارَ في روضها ... فتخطفُ الأطيار منها القصيدْ
تَصوغُهُ والزهرَ أغرودةً ... فتانةً يصبيك منها النشيدْ
تُحِسُّ منها خطراتِ المُنى ... تَرُودُ بالرُّوح المطافَ البعيدْ
تُعيدُ للقلب كُنوزَ الهوى ... وكَنْزُها ليس له من مُعيدْ
وإنْ أضاعتْهُ فما ذنبُها؟ ... الطفلُ يُؤذيه المتاعُ النضيدْ
أهَبْتُ بالأحلام أنْ مهِّدِى ... لِيَ الاماني، والنعيمَ العتيدْ
والحُبَّ، والشِّعْرَ وعهدَ الصِّبا ... والعيش نَضراً، والخيالَ الوليدْ
لا أرتضِي بالنَّزْرِ منها ولا ... أطمعُ إلاَّ في الشُّعاع المديدْ
فأمعنَتْ في ضحكها واغْتَدَتْ ... تَسْخَرُ من آمال غِرٍّ عنيدْ
فخِلتُ أنَّ الضحكَ منها رِضىً ... وضِحكةُ الهازئِ نارُ الوعيدْ
لقيتُها في سكَرَات الرُّؤَى ... تَنْشُدُ أيامي وتبكي الوُعُودْ
تجُود للدهرِ بأحلامها ... وهْوَ بما تطلبُهُ لا يِجودْ
تبوحُ بالأسرار في سَهْوِها ... وسِرُّنا قد وثَّقَتْهُ العُهُودْ
درَيْتُ في عُزْلتها ما مَشَى ... في خافقٍ واهٍ وفكرٍ كَدُودْ