للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورُحْتُ أبكي أملا لامعاً ... أنأتْهُ عنِّي عاثراتُ الجدُودْ

يا طيفَها جدَّدْتَ عُمْرَ الأسى ... ونِلْتَ من قلبي المنالَ الشديد

نضَّرْتَ يا غامضُ تَذْكارَها ... وحِصنْكَ الممنوعُ جَهْمُ الوصيِد

أيَّتها الذكرى أثَرْتِ الجوى ... فهل لما تذْكِينَهُ من مزيد؟

علاَمَ زرْتِ اليومَ خِلَّ الشجا ... إيناسكِ الطَّائف يضنيِ الوحيد

أبليْتُ في ذكراكِ نضْرَ الصِّبا ... وعهدُكِ الآيِبُ غضُّ جديد

مَلَّ صراعَ العيشِ نَدْمانُه ... وضجَّ من قفر الحياة الجليدْ

يخبط في يهماَء مستْعديا ... على معَنِّيه العزيزَ الحميدْ

يَصرُخُ إن مَرَّ بصحرائها ... ماذا نلاقي في ظلامِ اللحودْ

خذ بي أيَا غيبُ إلى مأمنٍ ... يزيح عن روحي عبء القيودْ

فنادت الأقدار في جرْيها ... لما يَحِنْ أن يستريح الطريدْ

نجوز دنيانا سِراعا ولا ... نستطيع أن نمشي مشياً وئيدْ

فهل ترى نقعد في ساحها ... أم ليس للرائد يوماً قعودْ

السير يضنينا وما نأتلى ... نَشقُّ في الأطواد سُبْل الصعودْ

تمضي بنا الأيام في فسحةٍ ... راعبةٍ ليس لها من حدود

حتى إذا ما العمرُ أمضى بنا ... مطافهُ ثم طوانا الهمُودْ

عدنا إلى كون بعيد المدى ... يطيبُ للمتعَبِ فيه الرقودْ

هناءة الأيامِ ممزوجةٌ ... بالصاب والعمر خيالُ الهجودْ

أفراحُنا يمشي عليها الأسى ... ولهوُنا يغتالُ منا الجهودْ

نضيعُ في غيهب هذا الرَّدى ... ولا يردُّ النوْحُ منا الفقيدْ

لا تحسدنْ بالله عِقدَ الهوى ... كم في وصال الحبِّ عاشت صدودْ

ولا يهولنّكَ شكُّ الورى ... رُبَّ يقينٍ فائضِ من جحودْ

قال شبابي لِنَؤوِم الصبا: ... كيف تمتعْتَ بنضر السعودْ

فقال: في الغفلة عن عالمٍ ... ما فاز بالمأمول منه الرشيدْ

هاتِ أغانيَّ وعَدْ بالمنى ... وانهبْ خطى العمر فكلُّ يبيدْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>