كانت دراسة المستشرقين للناحية العلمية في العالم الإسلامي عديمة القيمة في القرنين: الثامن عشر والتاسع عشر؛ ولكن منذ خمس وعشرين سنة ظهرت حركة جديدة في محيط الاستشراق لتبيّن أصول العلم العربي الذي يوجد بين طيات تلك المخطوطات العربية العديدة الموجودة في دور الكتب الشرقية والغربية، والتي يرجع الفضل في نشر بعضها إلى: برجستراسر وبراون وتكاتش وسوتر ومسبيرو
وهناك مدارس كثيرة من تلك التي اختصت بالكيمياء والطب والفلك والرياضة والطبيعة والفلسفة صبغت نفسها في نفس الوقت بصبغة استشراقية، نذكر من هؤلاء: رسكا وودمان وستشو وكروس وبلستر وسرطون ورينو وغيرهم
تقرير الأستاذ شميدر
الأستاذ شميدر له صولة وجولة في تاريخ الكيمياء، وبطبيعة الحال اتصل بحثه بمشكلة جابر بن حيان ومؤلفاته، ونحن نقتطف بعض عبارات مما كتبه:
قال: إن أشهر الكتاب العرب الذي عالجوا الصنعة (أي الكيمياء) هو جابر بن حيان الذي عاش حسب تقدير ليوافريكانس في القرن الثاني الهجري، ويمكن أن يقال بالدقة في النصف الثاني من القرن الثامن للميلاد. وليس ثمة عربي قبل جابر استطاع أن يكتب مثل ما كتب جابر. وليس ثمة عربي بعده استطاع أن يصل إلى مثل ما وصل إليه جابر، الأمر الذي ترتب عليه أن أطلق على جابر بن حيان في التراجم اللاتينية اسم (ملك العرب)، وإنه ليظهر لي غريباً وبعيد الاحتمال أن أولى محاولات التأليف في موضوع معين في شعب من الشعوب قد تبلغ هذه المرتبة من الناحية العلمية، ولكن المشكلة زال ما كان يعتريها من غموض بفضل استكشاف ليوافريكانس الذي ذهب إلى القول بأن جابر لا يمت إلى العرب بصلة، وإنما هو منحدر من سلالة إغريقية. فلقد عاش جابر في إشبيلية بأسبانيا حيت ألم بكل فروع الفلسفة اليونانية العربية، وربما يكون جابر هذا هو الذي أنشأ الجامعة العربية هناك، أو على الأقل يمكن أن يعتبر مؤسس مدرسة فلسفية انتشر تلاميذها في القارات الثلاث، وأخذوا ينشرون العلم باسم جابر بن حيان. ولما كانت كل مؤلفات جابر بالعربية فإنه اكتسب لنفسه الجنسية العربية وكذلك اكتسبها لعلمه