فقمعتْ في صدرها رغبة تختلج وعادت إلى مجلسها. لا ينبغي أن يسمع (ماجد) صوتها في المسرة بعد اليوم!
لم يَحسب ماجد وهدى حساباً لهذا اليوم من قبل، لوم يدُر في خاطر واحد منهما لحظة أن هذه الساعة آتية؛ لقد كانا من الحب في سكرة ذاهلة لا تدع لهما سبيلاً إلى الفكر والتدبير وتَوَقُّع ما لم يقع بعد. . . وفجأة تغيْر الموقف وكان ما لا بد أن يكون؛ وطرق الباب طارق مجهول يطلب يد هدى. . .
. . . وسأل أبوها وتقصَّى أمرَه، فرضِيَه لفتاته، ولكنه تلبِّث حتى يسمع رأيها، وسألها فلم تُجب، وفزعت إلى خلوتها تتدبَّر أمرها وتزن ماضيها وحاضرها، وتبكي. . .
أكانت تبكي حُباً لماجد أم شفقة عليه؟ مَن يدري؟ ولكنها ظلت تبكي؛ وماذا تملك أن تفعل غير البكاء؟
أتُراه يعرف؟ يا ليت. . .! إنه هو وحده الذي يستطيع أن يفعل أشياء كثيرة غير البكاء! لو أنه جاء الساعةَ يطلب يدها! إذن لاستطاعت أن يكون لها رأي، وأن يكون لرأيها اعتبار ومكان. . .!
ولكنه جالس مجلسه هناك، ينتظرها لموعدها؛ فَمَن له بأن يعرف؟ مَن له بأنه لن يرى هُدى بعدُ، ولن تراه؟
. . . أم تراه لو عرف يسرع إلى بابها فيزحم هذا الخاطبَ المجهول بما لَه من سَابقةٍ قريبة؛ فما مَنَعَه من ذلك قبلُ لو أنه كان يريد؟
. . . ومضت أيام قبل أن تعلن هدى رأيّها إلى أبيها؛ لقد حاولتْ في هذه الأيام أشياءً كثيرة ولكن محاولاتها جميعاً لم تستطيع أن تحمل فتاها على ما أرادتْ؛ ليت شعري أكان ذلك منه غباءً أم تغابياً؟
ولم تَجد الفتاةُ سبيلاً إلى الخلاص بعد، فرضيتْ!
لم تكن هدى من الغفلة بحيث تجهل أنها مقبلة على عهدٍ جديد ليس بينه وبين ماضيها سبب، وأن ذلك الماضي بما فيه من أماني وذكريات قد ذهب إلى غير رجعة؛ فإن هي لم تستطع أن تنزع من نفسها كل ما يربطها به، فقد ضلَّتْ وأَثِمتْ وبذلتْ ما لا تملك لمن لا يملك - فراحت من أول يوم تحاول أن تدفن ذلك الماضي في أعمق أغوار النسيان، فلا