وكم جاهل بحاضرة اليوم يصبح وهو من علم الغد وبعد الغد على أتم اليقين
عشر سنين!
فمن ذا الذي يدير لنا لوالب الزمان عشر سنين؟!
قال الراوي: وكأنما كانت أمنيتي هذه أمنية مرقوبة في العالم المجهول، فما سنحت في خاطري حتى تكشفت لبصيرتي ساحة فسيحة كأرحب ما تكون الساحات، مكظوظة باللوالب والتروس، مزحومة بالمحركين والمحركات؛ وعلى مقابض تلك اللوالب مردة أشداء، ظهر عليهم السأم ولا أقول ظهر عليهم الإعياء، وكبيرهم الذي يقبض على أكبر اللوالب يسألني سؤال العارفين: أأنت المقترح علينا تقديم الزمان عشر سنين؟
قلت: نعم. وأن شئت فعشرين أو خمسين!
قال: على رسلك. فما أجبت إلى الصغير حتى تطلب العظيم، فهل أنت وحدك طالب هذا التقديم؟
قلت: احسبني وحدي، فما زاد الأمر على أمنية في خلدي
قال: جزاك الله الحسنى، فليس أحب إلينا من إجابة ما تتمنى، فقد سئمنا والله وبرمنا، وشقت علينا الإدارة والدوران، وتاقت نفوسنا إلى اختزال واختزان، على شكل من الأشكال ولون من الألوان
إلا أنك وحيد. وماذا تغني أمنية الوحيد بين العدد العديد؟ فهلا ضممت إليك جمعاً من الطلاب، وحشداً من الزملاء والصحاب، فنسأل لك ولهم ونطمع إذن في أن نجاب؟
قال الراوي: ولم يكن أيسر عليَّ من جمع الألوف والمئين، ممن يشتهون تقديم السنين، فخرجت فناديت: إلينا يا طلاب الغيب المكنون، الذين يودون لو يعرفون ما أضمرت للدنيا سنة ألف وتسعمائة وخمسين، ففي لمحة واحدة تبصرونها اليوم فيما تبصرون، وتسمعونها اليوم فيما تسمعون. فما أتممتها حتى كان معي في الساحة الكبرى ملايين من ورائهم ملايين، يوشك أن يضيق بهم المكان، فلا تدور المحركات ولا يتحرك المحركون. وقلت لصاحب اللولب الكبير: دونك اللوالب فأدارها، فهؤلاء هم الراغبون المؤيدون