للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا ضير، يا سيدتي، فإن طرفي النقيض لا يتلاقيان إلا في شرع امرأة

في الريف، أخذ عقلك الفج يفتن في الزينة والتطرية و. . . تباهين بها فتيات من أهلك هي دونك لأنك أنت زوجي

ورحت تتبذلين في دار الاحتشام، وتنفثين عطرك الذكي بين الحظائر والزرب، وتتأنقين في ربى الطبيعة الساذجة، وتنشرين ثراك في بلاد المتربة والفقر، ونسيت أنك تؤرثين نار الحقد في قلب الفلاح المسكين، وتبذرين غراس الطمع في وطن القناعة والرضا

بالله لقد عجزت عن أن تلدي طفلاً فرحت تلدين في مأساة الحياة مهزلة تسخر منك

فهجرت المدينة والمدنية ما تبرح تتوثب في دمك وتتناثر حواليك سموماً تلتهم قلب الريف الطاهر النقي

آه، لقد خفت أن تمر يدك الغضة الناعمة على جنة الريف النضيرة فتذرها جحيما تتسعر

فذهبت إليك أخفف من غلوائك وأسكن من حدتك فابتسمت في فتور وقد طمت بك شيطانيتك التي لا ترعوي

وآدني أن أرزح تحت حماقتك وجهلك وغباوتك وأنانيتك فأسدلت على أيامك ستراً، ثم انطويت وأنا أهتف بك: وداعاً، يا عزيزتي، وداعاً!

وشملني ظلام الدار وظلام الحياة وأنا ما أزال في فرحة العمر وربيع الشباب، فانطلقت أفتش عن قبس من نور

لا تحزني يا زوجتي، فأنت. . . أنت دفعتني

وتلمست، فإذا فتاة في ريق العمر ونزوة الشباب، تبذك جمالاً وفتنة، وتفوقك علماً وأدباً، وتعجزك حسباً وثراء. . . وتلاقينا على ميعاد

ووصلت حبلاً بحبل، ونعمت، من بعدك، بالحياة بعد إذ أمضني ملمسها الخشن

واطمأنت نفسي إليها واطمأنت هي

وجلسنا في خلوة، ثم. . . ثم دوت صفارة الإنذار، فانخذلت أوصالها وانخلع قلبها، وانبعثت تبحث عن نفسها وقد تبعثرت في صلصلة الصوت

وانكشفت لي عن امرأة مثل من أعرف: امرأة فيها روح الثعلب أو شيطانة في مسلاخ امرأة

<<  <  ج:
ص:  >  >>