فنقول إنه متأثر في هذا بعاملين: أولهما حال رجال الدين في ذلك العصر وما كان بينهم وبين الملوك والأمراء من تحاسد وتباغض وتنازع في السلطان، والملوك والأمراء هم أرباب الفضل والنعمى على شاعرنا؛ وثانيهما خضوعه في هذا وفي غير هذا لما تأثر به في آرائه وأسلوبه من كتابات الشاعر الإيطالي بترارك وغيره من شعراء الطليان الغابرين وكتابهم
ولد هذا الشاعر في لندن منذ نحو ستمائة سنة. وقليل ما عرف عن فجر حياته، بل لم يسمع اسمه في لندن إلا عندما كان موظفاً في بلاط الدوقة كلارنس التي كانت زوج ابن إدوارد الثالث
وكان شوسر لا يزال شاباً في طراءة السن، ثم انخرط في سلك الجندية وحارب في حروب فرنسا المعروفة بحروب مائة العام. قيل إن الفرنسيين أسروه وطلبوا له الفداء ويهظوا واشتطوا على أهله وصحبه في الفدية، فاكتتبت أولئك في جمعها وساهم الملك بماله في ذلك. ولما عاد إلى بلاده استخدمه الملك خاصة له وأصبح له في الأسرة المالكة منزلة محترمة. فكان موضع الثقة في السفارات، والرسول المجتبى في الملمات. سافر إلى فرنسا وإلى إيطاليا فحذق اللغتين وقرأ شعرهم ولقي شعرائهما. وشغل بعد هذا مراكز حكومية كإدارة المكوس وعضوية مجلس الشورى ورياسة المقاطعات، ولا تزال جامعتا اكسفورد وكمبردج تتنازعان بنوة هذا الشاعر
ولعله لا يتعاظمنا أمر فقره في أخريات حياته، فهذا شأن الكثيرين من الكتاب والشعراء حتى اليوم، ولعل هذا هو ما أوحى إليه وصف الكاتب بقوله:(ما أغنى عنه علمه وما وعى - حائر يتخبط في غيهب الحياة، ينام الليل متوسداً أرسطو وفلسفته، ويصبح خالي الوفاض لا يملك شيئاً) لعله كان يصف نفسه، فكذلك كان شاعرنا، عاش على قليل من المال رتبه له هنري الرابع ابن صديقه جون أوف جونت، واتخذ له مسكناً في وستمنستر في بقعة منها يشغلها الآن جزء من كنيسة وستمستر المعروفة ببيعة هنري السابع ومات بها عام ١٤٠٠م ودفن في زاوية الشعراء من هذه الكنيسة. وكان أول شاعر نال هذا الشرف