الاتفاق؛ وبعد ساعات من الاضطهاد المتواصل خارت قوى الشيخ فسلم الفدية وأمضى الاتفاق
فأي فرق بين هتلر وعصابات الاختطاف والسرقة؛ فالأول يقتل الزعماء ليتخلص من عزيمتهم، ومن منافستهم، ليسلب بلادهم حريتها، وليبعث الرعب في قلوب غيرهم؛ والآخرون يقتلون منافسيهم وغرماءهم ليسلبوهم أموالهم؛ والأول يختطف رؤساء الدول مستغلاً قواعد المعاملات الدولية، ويجعلهم رهينة ترهب وترغب، إلى أن يكرهوا على تسليم الفدية؛ والآخرون يخطفون الأثرياء طمعاً في فدية يحصلون عليها من ذويهم
أي فرق بين هاتين العصابتين؟ وإذا كانت الأمة لا تسمح لمثل هذه الطائفة بالعيش، وتسلط عليها رجال الأمن للقضاء عليهم، فهل يحق للعالم أن يترك هتلر يقتل الزعماء ويختطف الساسة تحت ستار السلام؟
وإذا أردنا أن نذكر تصريحات هتلر ووعوده مع بولندا والدانمارك والنرويج وبلجيكا وهولندا، ضاق نطاق المقال، وأعدنا على القارئ سيراً مؤلمة
وشعر هتلر بأن النصر بعيد، وأن الهزيمة أقرب منه، فأراد أن يهرب من مصيره، ولوح للعالم بالسلام، ولكن العالم يعلم ما يخبئ لهم هذا السلام، فإن هي إلا فترة من الزمن يبث فيها رجال الطابور الخامس في إنجلترا فينشرون الرعب والخيانة بين رجالها، وإن هي إلا فترة من الزمن يستعد فيها هتلر بقوات تمكنه من غزو إنجلترا حتى يبدأ الحرب الفعلية من جديد، وهذا هو السلام الذي يريده هتلر
ولم الآن. . .؟ إن الشهر الذي انقضى منذ توقيع الهدنة الفرنسية لم يمض عبثاً، فقد خبر فيه هتلر قواته، وشاهد نتائج إغاراته على إنجلترا، فعرف أن بريطانيا العظمى بعيدة المنال، وأن سلاح العنف لن يصل به إلى غرضه، فعاد إلى سلاح الخديعة ليوهم أنصار السلام بأنه ملاك، وليحمل إنجلترا تبعة استمرار الحرب، فيشتد عضد أنصار الهزيمة فيها، وتسري في الرأي العام لهجة الصلح، ولكن هيهات! ففي تاريخ إنجلترا كله ما يدل على أنها إذا عزمت على أمر فلا مفر منه إلى النهاية
وهي خلة فرضتها عليها الظروف، فهي تبدأ الحرب متراخية ضعيفة، ولكنها لا تلبث أن تحشد جهودها، وتوجه قوتها إلى الغرض المنشود، وهي تتكلف في هذا التحول كثيراً من