وآمنوا بها، فلا الحرية بقي لها المعنى السامي الذي عرفها به الذين أعلنوا (حقوق الإنسان) ولا الديمقراطية نفذت في فرنسا كمبادئ سامية يدين بها الشعب والزعماء والأحزاب. ولكن فرنسا - بعد الحرب العظمى - تسترت تحت هذه الكلمات:(الحرية، الديمقراطية، العدل) ولم تعمل بها كمبادئ ولكن كأفكار فقط
وهذا سر ما نرى من أنها ما كادت تسلم لأعدائها حتى محت من دستورها كلمات (الإخاء، الحرية، المساواة) وأخذت تعمل على تغيير دستورها ونظام الحكم فيها، وما كان للحرية والديمقراطية اللتين يؤمن بهما شعب عظيم من أن ينهار بهذه السرعة
وإذا كانت فرنسا تمثل ركناً عظيما من أركان الديمقراطية فكيف تفسر الاتفاق بين سياستها وسياسة إيطاليا الفاشستية مثلاً: إن الفكرة التي أوحت إلى إيطاليا الفاشستية أن تقذف بزعماء العرب في طرابلس من الطيارات هي التي أوحت إلى فرنسا الديمقراطية - وفي عهد الجبهة الشعبية - أن تجرد على قرية من قرى المغرب الأقصى سرباً من الطيارات ليهدمها على أهلها لأنهم طالبوا بحقوق حيوية لهم كعدم صرف مياههم التي يستغلونها في الشرب والسقي إلى المعمرين الفرنسيين
والفكرة التي أوحت إلى هتلر أن يسجن شوشنج زعيم النمسا في قصر عظيم من قصور فيينا لأنه عارض في استعمار بلاده، هي التي أوحت إلى فرنسا أن ترسل الزعيم علال الفاس إلى (ليبرفيل) - مقبرة الرجل الأبيض - ليستنشق من هوائها العذب الموت الزؤام، لأنه عارض في سياسة القمع والإرهاب التي يساس بها المغرب الأقصى
الحق أننا يجب أن ننتبه إلى ما جرى في الشرق فإنه قد يكشف لنا عن أسرار الحوادث الجسام التي تجري في الغرب