وترى فتى مديد القامة يهش الإمبراطور لقدومه ويبش ويسأله عما إذا كانت السفن قد أعدت للرحيل، فيجيب: نعم، فيقول: ألم يصل بعد أوكتاف، فينبئه أنه وصل الآن وأن الراهبة ستعمل بمشيئة الإمبراطور
- حسن. ستكون أنت إذاً يا مارسيوس على رأس الجيش المغير على أرض تدمر، وعليك أعتمد في محو هذه المملكة، وعليك أن تولي وجهك إذا ما حالفك النصر شطر مصر، ولدى دورا أوامري المشددة بإقصاء القائد بيلنوس عن مركز رياسة جيشه
- ما لي أرى وجه الحبيبة كالحاً كالظلام؟
- قد تركني حبك يا بيلنوس نهباً بين نداء القلب ونداء الدير، ولي الآن شهور انقطعت فيها عن جمع الإحسان لأنعم بقربك وتراني أذوب كمداً كلما ذكرت أهلي الذين جندلوا في الحرب، ولم يبق منهم غير شقيقي الذي لاذ ببطن الصحراء وركب النيل إلى بلاد النوبة
- جعلت فداك، فما تشائين؟
- أريد اللحاق به فما يهتأ لي عيش بدونه
- وأنا يا دورا. . . أفتتركين هذا الحب يعبث بقلبي لا ينفعني طب ولا رقي؟
- فلم لا ترافقني في رحلتي نبحث عنه ونعود به فأعيش بينكما؟؟
- ومصر يا دورا؟
- ليقم عليها لبيد بن عبد الله حتى تعود
ونجحت دورا في إقصاء القائد عن جيشه، وتوغلت به في ذرا الهضاب وبين النجود والوهود تسأل الغادين والرائحين عن شقيقها المزعوم، وشغله هواها عن ملكته وجيشها الذي ائتمنته عليه.
أبحر مارسيوس وألقت سفنه مراسيها، ووثب جنوده إلى شاطئ (تدمر) كأنهم موج يتلوه موج، وساح جيشه في أرض تدمر كأنه الطوفان، وأفل نجم زينوبيا فلم تصمد لهجومهم العنيف
وصعدت الملكة إلى مخدعها حيث كانت خادمتها تمسح عن سيفها ودرعها دماء الأعداء
وتهالكت على مقعد وقد بدا على وجهه الجميل الغضب فزادها جمالاً وتمتمت: كيف يكون