أنقذني!! أنا وحدي، لا أجد من يعولني! وسينظر العالم الجديد إلى هذه المرأة بالرحمة والعطف والحنان، كما نظر للّواتي كنّ بعد الحرب الماضية. وستعمل المرأة يومئذ لتكتسب الرجل في كل وجه، ثم لا تلبث أن توجد من بقايا العالم المتحطم سحراً جديداً لمدنية ساحرة، وبذلك يرتد العالم إلى النظام الاقتصادي الفاجر المبني على اللذة وطلبها والبحث عنها، فتكون أنظمته كلها قائمة على الاستبداد والفجور في الاستبداد.
ويومئذ يبدأ تحقيق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة وما يكون في أعقاب الدهر، إذ (يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)، وحتى (ترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به). وما يكون ذلك إلا يوم يتحقق للحياة المعنى الفني المحض الذي لا يعرف قاعدة اجتماعية يحرص على تحقيقها للاجتماع، والذي يرى الحرية انطلاقاً من قيد الأخلاق التي تقسره على مصلحة الجامعة دون لذة الفرد، وتتبرج الحياة تبرجاً هائلاً يجعل العقل غريزة جديدة تشتهي، والروح خلقاً منبوذاً حائراً يطوف على هذه الفتن كما يطوف الصعلوك على مائدة ملكية. ويومئذ يرفع العلم لأنه سيُستعبَدُ في إيجاد اللذات، وتفارقه الروح النبيلة التي لا يكون العلم إلا بها علماً، ولا يبقى في الأرض إلا الجهل الأحمق الذي لا يعرف إلا السيطرة بحماقة، والأثرة بكلب، وتكون المرأة هـ علم الحياة الجديدة الذي يمزق الرجولة القليلة في جذب الشهوات العنيفة، ويغرق الفضيلة في طوفان المتعة الجميلة التي تبعث في الأعصاب المجهدة نشوة مسكرة.