ولكنه قد يؤول أيضاً إلى التنعم والترف، وقد يكون لأجل التمتع الفردي أو لتكوين رابطة عائلية يقوي الحب أواصرها، وقد يؤدي إلى استعمال الأسنان والمخالب ويؤول إلى النفع العام، وأخيراً يسقط في ساحة ذلك النضال المستميت ضعاف المخلوقات ومهازيلها فيثبت القوي ويفنى الضعيف والطبيعة خالدة فوق الجميع.
الانتخاب الجنسي
لكي نهيئ مرجا صالحاً يجب أن نقتلع منه الدغل ونبقى العشب الأخضر فقط. كذلك تنتقي الطبيعة الصالح وتقضي على الطالح. على أننا نحتاج إلى نوع من السماد يغذى العشب ويقويه دون أن يفيد الدغل الضار وهكذا يتغلب العشب على تلك الأدغال. إن هذا يشبه ما نسميه في الطبيعة بالانتخاب الجنسي لأن كثيرا من المخلوقات لا تنجح في الحياة لقوتها ومهارتها بل لكثرتها غالبا - وقد تكون القوة والمهارة مرافقتين للكثرة أيضاً.
لقد علق دارون أهمية كبرى على الانتخاب الجنسي، أي ذلك التناسل الذي يصحبه تفضيل الأنثى للذكر الذي يروق في عينيها أكثر من غيره: إما لجماله أو لرشاقته أو لقوته، أو لجمال صوته أو لغير ذلك من الصفات المستملحة. وكان رأي دارون أن شغف الأنثى بتلك الصفات حملها على محاولة استهواء الذكر بما اكتسبته أثناء التطور من جمال قد ورقة صوت، تلك الميزات التي يهتم بها الذكر هياما عظيما.