وزاد على ذلك أن استدرج الشعب فجعل من حزبه مكتباً لتشغيل العاطلين، وعلى هذا الأساس بنى حزبه، متوسلاً إلى تحقيق برنامجه باضطهاد اليهود وفصلهم وإحلال الألمان محلهم، وبتكوين فرق مقاتلة تحمي المصانع الكبيرة من جهة، وتكره أصحاب الأعمال على إطاعته من جهة ثانية.
فهل هذه حال فرنسا الآن؟ هل عمت البطالة فرنسا وانهار نقدها وجاع أهلها؟ إن فترة الحرب كانت قصيرة فلم تمهد لهذه الأحداث؛ وفرنسا دولة قليلة السكان لم يشك أهلها كما شكى العالم من أزمة البطالة الحادة في السنوات الماضية.
استقرار الحكم
فليس للشعب الفرنسي من الأسباب ما يدفعه إلى كره مبادئه والسخط عليها، وإذا كانت هناك أخطاء فهي أخطاء القادة من أمثال بتان؛ أضف إلى ذلك أن نصر ألمانيا لم يتم، وما زالت إنجلترا في الميدان، وما زال دي جول يمثل الشعب الفرنسي، وفي نصر إنجلترا خلاص فرنسا من كارثتها الحالية.
فتجربة بيتان تجربة وقتية لن تلبث أن تزول، لأنها لا تقوم على أسس صحيحة، ولم يبلغ يأس الشعب الفرنسي حده ليترك مبادئه السامية ويشايع الهتلرية؛ وإن كانت هناك أخطاء في عدم استقرار الحكم.
فليحاول هتلر أن يقلب رجال الحكم ويضع مكانهم رجالاً نازيين، وليحاول بيتان أن يجاريه في تنفيذ هذه السياسة ما وسعته المجاراة فإن فرنسا لم تصدم الصدمات التي تنسي شعبها حبه للحرية والمبادئ التي ضحى من أجلها.