إنه هو هو، وإنها هي هي؛ لم يتغيَّر شيءٌ منها ولم يتغيَّر شيءٌ منه؛ ولم يَزَلْ هو كلَّ شيء في حياتها ولم تزَلْ؛ وهذه الأشياء التي كانت تحببه إليها يوماً هي هي التي تيغَّضه إليها اليوم.
إن الباطل الصُّراح أحبُّ إلى النفس من الحقيقة المتلوِّنة!
واحتوشتها الأفكار فلم تعرف ماذا تأخذ وماذا تدع؛ فأطرقت، وأرسلت عينيها؛ وكان سامي في غرفتي يكتب ويؤلف!
. . . وفرغ من موضوعه بعد هدأة من الليل، فرفع أوراقه بين عينيه والمصباح وراح يقرأ، وأعجبه عمله؛ فهتف: رشيدة، تعالي اسمعي!
وماذا يجدي عليه رضا الناس إن لم ترض رشيدة؟ ولكن رشيدة كانت مطوية على نفسها في الفراش تبكي؛ ودنا منها، فجفَّفتْ دموعها واعتلًّتْ؛ وجلس على حافة الفراش محزوناً أسوان يسألها عن علتها؛ وما كانت علتها غيره!
وطوى أوراقه صامتاً، وأوى إلى الفراش منكسراً ذليلاً؛ وأصبح كما يصبح كل يوم وكما أمسى؛ وأصبحت كما أمستْ!
وجاءت صديقتها (سعاد) لزيارتها؛ وما زارتها في بيت زوجها قط؛ وخلت رشيدة إلى صديقة صباها تحدثها وتستمع إليها، وخلا سامي إلى نفسه يعمل. . .
وذهبتْ رشيدة لتردَ الزيارة لصاحبتها؛ ولقيتْها سعادُ في غلائلَ وشفوفٍ وَجلْوةِ عروس، وأحسنتْ استقبالها؛ ثم وَدَعَتْها لحظة لتِسرَّ إلى زوجها حديثاً وعادت، وأحست رشيدة أن صديقتها في شغل؛ فأوجزت، وسألتها: أرجو ألا يكون في زيارتي ما يشغلك عن شيء!
وابتسمت سعاد وأجابت: ليس شيئاً ذا بال؛ كنا علي أن نشاهد رواية في السينما، فطلبتُ إليه أن يذهب وحده إذا أراد! لقد شاهدناها مرة منذ يومين!
وغمغمت رشيدة بكلام، ثم أطرقت؛ أتراها كانت تحدَّث نفسها أو تحدِّثُ مضيفتها، وماذا