أهل المدينة وممن حولها من الأعراب، ويكاد اليهود يكونون وحدهم دعامة الطابور الخامس من أهل الكتاب، ولنبدأ بحديثهم:
اليهود
كان اليهود في بدء الإسلام ينزلون بالمدينة وما حولها، وكانت لهم سيطرة ونفوذ في المدينة قبل الإسلام، وبخاصة من الناحية الروحية، وكانوا يتلون كتابهم ويرون فيه أن رسولاً من غيرهم قرب ظهوره. وكانت صفاته عندهم تدل على أن (النبيَّ الأميَّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأُمرُهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحِلُّ لهم الطيباتِ ويُحَرِّمُ عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصْرَهم والأغلال التي كانت عليهم) هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، العربي القرشي، الذي ظهر بمكة وأخرجه قومه منها، وهاجر إلى المدينة؛ (فلما جاءهم ما عَرَفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين). وكان الذي دفعهم إلى الكفر به هو حسدهم له وغيرتهم من أن يكون خاتم الرسل رجلاً من غير اليهود، فقال الله فيهم:(بِئسمَا اشترَوْا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزلَ اللهُ بَغْياً أن يُنزَّلَ اللهُ من فضله على من يشاءُ من عباده، فباءوا بغضب على غضب، وللكافرين عذابٌ مهين)
موقف اليهود من الرسول في السلم
كانت لليهود مواقف بعد الهجرة لا تمت إلى الشرف بسبب سواء ذلك في السلم أو الحرب، والذي يعنينا اليوم هو موقفهم في السلم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد وصوله إلى المدينة وأذهب الله به ما كان بين الأوس والخزرج من عداوة، وكان من أول ما عمله أن عاهد اليهود على أن يعيش وإياهم في أمن لا ينصر أحدهم عدواً على الآخر، ومن عهده لهم:(وإن من تبعنا من يهود فله النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم) ولكن الحوادث التي سنقدمها تدل على أنهم لم يوفوا بعهدهم، بل أخذوا يحاربون الرسول الذي أقرهم على دينهم وأموالهم، وأخذوا يحاربون دينه بوسائل شتى.
ومن تلك الوسائل التي اتبعوها طريقة التشكيك في الدين، وذلك أنهم كانوا يؤمنون حتى يطمئن إليهم المسلمون ثم يرتدون كفاراً، كي يظن المسلمون بدين الرسول ظنونا، ويقولوا