وخصوصاً إذا أضفنا إليها ما أذاعه مدير قسم الأبحاث السرية في أمريكا عن عمل الجواسيس ومحاولتهم إفساد خطط الدفاع الأمريكية بتدمير الطائرات بوضع الرمل في محركاتها، أو بنسف المنشآت العامة وتسميم المياه، وغير ذلك من الوسائل التي يرتكبها الجواسيس.
الروح الوطنية
أما في البلقان فقد تطورت الحوادث الأخيرة تطوراً كبيراُ نشك إذا كان هتلر نفسه توقعه، فإنه كان يعتمد اعتماداً كبيراً على تأييد رجال الحرس الحديدي لمشروعاته، فلما ظهرت نياته بالموافقة على ضم جزء من ترانسلفانيا إلى المجر تمرد رجال الحرس الحديدي وتكاتفت طبقات الشعب وزعماؤه، فأعلنوا توحيد صفوفهم بزعامة مانيو زعيم الفلاحين، وقالوا إنهم يفضلون أن تضم بلادهم إلى الروسيا على أن تقتطعها المجر أو بلغاريا.
فإذا لم يتمكن النازيون من إيجاد صدع بين أحزاب رومانيا فإن ضم أحد أجزائها إلى دولة أخرى يتعذر حتى إذا وافقت الحكومة الرومانية على هذا الضم بإكراه ألمانيا، لأن الشعب في هذه الحالة يثور، وتجد الحكومة الرومانية نفسها في مركز ضعيف، وكل حكومة تفضل في مثل هذه الحالات أن تقاتل على أن تسلم، ولا سيما أن المجر وبلغاريا ليستا من القوة حتى تتمكنا من إكراه رومانيا على تلبية طلباتهما، فرومانيا هي أقوى دولة في البلطيق فلديها أقوى جيش، وأقوى سلاح طيران، وكانت تعرف أطماع هذه الدول من قبل فأعدت العدة لصد عدوانها.
واتحاد كلمة زعمائها وتمسك شعوبها وخصوصاً سكان الأجزاء التي يراد ضمها إلى الدولتين الأخريين - عقبة كبيرة في سبيل تحقيق السلام الذي ينشده هتلر في البلقان ويضع خططه في مركز حرج؛ أضف إلى ذلك ظهور الخلاف بين ألمانيا والروسيا على ألسنة الساسة الرومانيين بعد رجوعهم من مقابلة هتلر؛ فقد كثر الكلام أخيراً عن الخطر الشيوعي وعن مساعي ألمانيا لوقفه؛ فهل تكشف حوادث البلقان الأخيرة نقاب الزعيمين اللذين يتظاهران بالصفاء والاتفاق رغم تنافر طباعهما واختلاف ميولهما وأطماعهما؟ هذا ما تكشف عنه الأيام قريباً.