فأجابه الحداد:(لقد صنعته ولكنك مع ذلك أتيت مبكراً فهو لا يزال محتاجاً إلى السن، فاجلس في هذا المقعد حتى أفرغ من سنها)
فجلس الشيطان، ولكنه عاد فأدرك أنه لا يستطيع القيام، وأخذ يتوسل إلى الحداد، وهذا يختلق له المعاذير، وأخيراً وعده بألا يعود قبل أربعة أعوام أخرى يكون الحداد في أثنائها قد فرغ من سنه المسمار
مضت أربعة أعوام أخرى وجاء الشيطان فقال له الحداد: سأذهب معك الآن حيث تريد، ولكني أريد أن ألقي عليك سؤالاً واحداً وهو: هل صحيح ما يقولون من أن الشيطان يستطيع أن يضمر جسمه إلى أي حجم يريد؟ فقال الشيطان: هذه حقيقة لا تحتمل الشك.
فطلب إليه الحداد أن يضمر حتى يدخل كيس نقوده، وأن يستمر في الكيس حتى لا تسرق أمواله مدة السفر، ففعل الشيطان ذلك.
وما صار الشيطان في داخل الكيس، ألقى الحداد بالكيس في الفرن، فصاح الشيطان: هل أنت مجنون؟ لماذا تلقي بالكيس في النار وأنا فيه؟
قال الحداد: إنني أريد أن أعيد صنعه بحيث تضيق فتحاته، وهاهو ذا قد احمارَّ والمثل يقول: لا تضرب الضربة إلا إذا حمى حديدك، ثم أهوى بالمطرقة فوق الكيس، فتوسل إليه الشيطان أن يتركه على ألا يعود إليه مدى الحياة.
وتركه الشيطان، ولكن الحداد ندم وقال:(إذا فاتتني الجنة الآن وقد سدت دوني أبواب النار بما فعلته مع الشيطان؛ فسوف أصير في الآخرة بغير مأوى. وكان الأفضل أن أظل مصاحباً للشيطان ليكون لي مسكن في النار إن فاتني في الجنة المسكن). وعزم على أن يتابع السير حتى يعثر على الشيطان فيسترضيه، حتى لا يكون في الآخرة من المتشردين. فلما صار في مفترق الطرق بين الحنة وبين النار. لقي خياطاً وسأله إلى أين يريد الذهاب، فقال الخياط:(إنني أبحث عن الجنة)
قال الحداد:(إذن فطريقي غير طريقك وسأذهب لأبحث عن النار وذلك لأني عرفت صاحب الأمر فيها منذ عهد الشباب)
وتفرقا فذهب كل في طريقه، وكان الحداد سريع المشية طويل الخطوة، فوصل بعد مدة