ولكن الأستاذ طليمات يقول في كلمته (وقد شرح المؤلف وضع المسرح في التبيين الذي صنعه للمسرحية ص١٤٠ مشيراً إلى رمز الغلاف، ولم ترد في تبيينه كلمة (قمة) ولا (غور) ورأى بعد الذي ذكرته أن الأمر لا يتطلب هذا التعريف، فبماذا تنتهي صعود مثلوجة على جانب جبل؟ ألا تنتهي (بقمة)! وإلى أين ينتهي منحدر على سفح جبل؟ ألا ينتهي إلى (غور)! فالقمم والأغوار يملأ حديثها الأدب العربي والآداب الأخرى، ولا يقابل القمة في الصعود والارتفاع غير الغور في الهبوط والانحدار.
وأريد أن اقف هنا قليلاً، وأقف عند كلام من تبيين المؤلف، ففي مفرق الطريق هذا يتصارع العقل والشعور، فإذا انتصر العقل فقد مضى صاعداً بين الثلوج، وإلى أين؟ أليس لهذا الصعود من غاية، أو ليس لهذا الطريق المنار من نهاية، أليست هي القمة الباردة أو ثلوج الذرى؟
ويقول الكاتب الأديب إن الثلج عند بشر فارس رمز إلى خلاص النفس من ألم الإحساس البشري، وهذا التفسير جزء من كل، لأنه إذا انعدم الشعور بالألم فقد انعدم أيضاً الشعور باللذة، هو انعدام الإحساس إطلاقاً بخلجات الحياة، وهو العقل المجرد في فلسفة (كانت)، لأن انعدام الشعور معناه أن لا قلب هنا، وإنما يوجد عقل موغل في طريق المعرفة، فالمؤلف قد أخذ لنفسه من قصيدة العقاد ما رآه موائماً لموضوعه، ملائماً لصور المسرحية. ولا يعني الكلام شيئاً حين نقول إن المسرحية تدور حول قضايا النفس البشرية، فإن العقل له أثره الظاهر في هذه القضايا، وسبق الكلام على ذلك في مستهل هذه الكلمة، وفي حديث فلسفات
وووأخيراً فإني لم أتناول هذه المسرحية إلا من جانب واحد، هو جانب الاقتباس، ولم أبد فيها رأياً كما أبداه الكثيرون ومنهم الأستاذ طليمات، ولم أتعرض لهذه الرمزية في المصنوعة بعد التحصيل والروية والاجتهاد؛ والأصل في الرمزية أن تنشأ مع النفس وفي التفكير، لأنها التعبير عما وراء الطبيعة، أو ما وراء أفق الشعور، بما تعجز الألفاظ عن إبانته والإفصاح عنه؛ فإذا كان التعبير مستطاعاً، وإذا كانت الألفاظ قادرة أن تؤدي معاني النفس وخطرات العقل في يسر وإيضاح، فلا موجب إذن لهذا الاصطناع.
ولم أر في المسرحية إلا حواراً عادياً، ومعاني لا ترتفع عن أفق الشعور، وصوراً من