إنها (حريم) لا أكثر ولا أقل، بينما الفن والشعر والأدب قد علم المرأة الأوربية ماذا تقول وماذا تفعل إذا أحبت. ولا يزيد ردي على هذا عن أن أقول له: إن الحب شيء لا يتعلمه الناس من الكتب ولا من الشعر ولا من الفن ولا من الأدب، وإنما هو الذي يعلم الناس هذا جميعاً، وهو موجود في مصر كما أنه موجود في سرنديب، وقد بعث في مصر من الشعر والأدب ما أعجب لتغافل الأستاذ عنه، فما كنت أحسبه ينسى هذا المواليا المصرة وهذا (الواو) المصري، وتلك الأغاني التي تنبعث من أصفى النفوس في أصفى القول وأبلغه وأصدقه. . . صحيح أن أدبنا وفننا ليس فيهما من أدلة الثقافة شيء كثير، ولكن الحب لا يحتاج إلى ثقافة في العبير عنه. . .
خبط الهواع الباب جلت الحبيب جاني
تاريك يا باب كداب تتهز بالعاني
. . . وليس الغرام وحده ما يصوره الأدب الشعبي المصري، وإنما هو يصور سائر ألوان الحياة المصرية، ففيه ملاحم، وفيه معارك، وفيه قضايا، وفيه بطولات، وفيه وفيه، ولعلك أنت يا حضرة الرجل تعرف مما فيه مثلما أعرف، ولعلك تكتب فيه قريباً فترفع عنه هذه التهمة الباطلة التي يتهمه بها الأستاذ الحكيم الذي يعيش في البرج العاجي تحت المصباح الأخضر. . . هنيئاً له. . .)
هذا هو الفصل الذي أرسلته إليَّ صديقتي، وأنا لا اشك مطلقاً في أن الذي أملاه عليها هو غيظها من الأستاذ الحكيم لأنه يخاصمها ويخاصم بنات جنسها جميعاً. . . ولكنني أيضاً لا اشك مطلقاً في أن كلامها واضح الصدق فيه.
وهي صديقتي، ولا أحب أن أخسرها في سبيل الأستاذ الحكيم؛ فإذا كان للأستاذ أصدقاء، فليردوا عليهم هم. . . أما أنا (فموافقون)!. . .