وأنت في نظرك إلى هذا النجم أو إلى غيره، وفي استطلاعك السماء ليلاً، تستطيع أن تُمَيِّز بين ما يسميه العلماء نجوماً وبين ما يسمونه كواكب سيارة، فضوء الأولى يتألق وتتغير شدته على العين، وضوء الثانية ناصع ثابت كضوء القمر، ووسط كل هذه العوالم نميز بسهولة كوكب المريخ، ذلك الكوكب الذي تشبه حالته إلى حد كبير حالة الأرض، والذي هو واحد من التسعة الكواكب التي تكون مجموعتنا الشمسية، نراه ينحدر في آخر الليل قليلاً قليلاً، ويتغير لونه على العين كما يتغير لون الشمس أو القمر عند غروبهما، حتى يتوارى عنا، أو بالأحرى حتى نتوارى نحن عنه.
وهكذا تنتقل العين من كوكب إلى آخر، من المريخ إلى المشتري، من كوكب أصغر من الأرض إلى آخر أكبر منها ومن شمس إلى أخرى، من واحدة أصغر من الشمس إلى شمس تكبرها آلاف المرات، بل من مجموعة نجمية كمجموعة المجرة التي تحوي ملايين الشموس والكواكب والتي تعد شمسنا واحدة منها إلى غيرها من المجموعات.
ويساعدك المنظار الفلكي في تجولك هذا. بحيث أنه إذا أمكنك أن ترى بالعين المجردة أكثر من ألفي نجم في نصف السماء التي تعلوك ويرى ساكن البرازيل عدداً مماثلاً في النصف الجنوبي الذي لا نراه، فإنك تستطيع أن تعين بالمنظار في السنتيمتر المربع الواحد آلافاً من هذه النجوم التي لكثير منها كواكب يشبه بضعها بلا شك كوكبنا الأرضي الذي نعيش عليه.
وفي أثناء ذلك نفكر أن لكثير من هذه النجوم التي تعد بالملايين سيارات تابعة لها، وتدور حولها وحول نفسها، ونفكر أنه لا بد لبعضها على كثرتها ظروف تشبه الظروف الطبيعية للأرض، أو تختلف عنها بما لا يتعارض مع نوع آخر من الحياة ونتساءل هل من حياة على هذه الكواكب؟ ولماذا تختص الأرض بالحياة؛ وما هي إلا ذرة من قطرة في محيط في الكون؟
وإذا كانت الأرض وما عليها تعتبر بالنسبة لما نعرفه عن الكون أصغر من حبة رمل بين رمال الصحاري الشاسعة وأقل من قطرة ماء مياه المحيط جميعها، فماذا تسكن الأحياء هذه القطرة بالذات وتخلو جميع القطرات منها؟
هذا سؤال لا يمكن للإنسان إذا اتبع منطقاً سليماً أن يجيب عليه بالنفي، وعند ظني أن