شيخ الجامع الأزهر، ذلك الإمام الجليل الموصوف بسعة العلم وبعد النظر ودقة التعبير، نجعلها مسك الختام
قال حفظه الله في خطاب بليغ ألقاه في حفلة تأبينه:
(كان فقيد الإسلام السيد محمد رشيد رضا محيطاً بعلوم القرآن، وقد رزقه الله عقلا راجحاً في فهمه، ومعرفة أسراره وحكمه، واسع الاطلاع على السنة وأقضية الصحابة وآراء العلماء عارفاً بأحوال المسلمين في الأقطار الإسلامية، ملماً بما في العالم من بحوث جديدة، وبما يحدث من المعارك بين العلماء وأهل الأديان؛ فهو ممن أوتي الحكمة ورزق الخير الكثير
وقد كان - بلا شبهة - أكبر المدافعين عن قواعد الإسلام وأشدهم غيرة عليها، فني في خدمة دينه وجاهد في الله حق جهاده وأوذي في سبيل مبادئه وصبر وصابر إلى أن توفي رحمة الله عليه
كان مبدؤه مبدأ جمع علماء السلف: التحاكم إلى الله ورسوله عملاً بقوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)
وكان مبدؤه مبدأ علماء السلف أيضاً: تخيَّر الأحكام المناسبة للزمن والنافعة للأمم في مواضع الاجتهاد
وكان مبدؤه مبدأ علماء السلف في كل ما يتعلق بذات الإله سبحانه وصفاته، وكل ما يتعلق باليوم الآخر؛ فهو رجل سني سلفي يكره التقليد وينادي بالاجتهاد ويراه فرضاً على نفسه وعلى كل من قدر عليه
من الحق أن نعد السيد رشيد من المجددين، وأن نعده من المجاهدين في إحياء السنة، ومن الحق أن نعتبر بما كان للسيد رشيد من أناة وصبر في البحث والقراءة، والتأليف والفتوى والمناظرة؛ ومن الحق أن نذكر أن هذه الأعمال الصالحة قام بها احتساباً وأدّاها في سبيل الله
فرحمة الله على السيد رشيد وجزاه الله في الإسلام أحسن ما يجازى به رجل وهب حياته للعلم والدين). ونحن نكرر طلب الرحمة والرضوان من الله تعالى عليه، إنه سميع الدعاء.