ما كان في المحاضرة وأظرفه، ولكنه من الأسف الشديد ككل شيء جميل، وككل شيء ظريف، لا يثبت للنقد والتحليل في هذه الحياة الدنيا، فمن يدري من تكون ايزيس، وأين كانت وكيف كانت، ومن يدري لعل النيل لم يجرر من دموع هذه الإلهة الرحيمة في رأي الأساطير، وإنما هو ينبع من تحت العرش كما يقول بعض الصالحين، والشر كل الشر ما يقوله العلماء، وويل للناس من العلماء! فهم يزعمون أن النيل ينبع من تلك البحيرات التي مهما تعظم ويرتفع شأنها عند العلماء والشعراء فهي بحيرات حقيرة لا تعدل دمعة من دموع ايزيس، ولا تعدل قطرة من هذا الماء السلسبيل الذي يجري تحت العرش
احسن الله جزاء الآنسة مي، فقد أمتعتنا أمس، أمتعتنا إلى غير حد، فكاهة حلوة، وحديث عذب، وصوت حلو. ولكني أخشى أن تغضب الآنسة، وويل لي منها إن غضبت، ومن يدري لعلها قد غضبت منذ قرأت السطر الأول من هذا الكلام، وإذن فأنا أشهد قراء الرسالة جميعاً على أني معتذر إليها أصدق الاعتذار وأخلصه، ضارع إليها أن تغفر لي هذه الهفوة، هفوة التحدث عن محاضرتها القيمة على هذا النحو، ولكني لست وحدي ملوماً في ذلك، فهي التي ألهمتني هذا الحديث، وقد زعمت لنا أمس أن نابليون كان يقول في كل شيء (فتش عن المرأة) فإذا لم يكن بد من أن يلام أحد على هذا الحديث فالآنسة (مي) هي الملومة، ولكني أحتمل عنها هذا اللوم كما احتمل أبونا آدم عن أمنا حواء إثم التفاحة، واعتذر إليها من هذا الحديث وهي بطبيعتها أرحم وأدنى إلى الحنان من أن تأبى قبول المعذرة.