للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تبدأ منذ الآن. . . أنظر إلى هذه الشجرة قليلاً. . . ثم أغمض عينيك. . . أرسمها في الهواء بإصبعك. . . هذا حسن. . . والآن ارسمها على الورق بالقلم. . . عال، عال. . . تكاد تكون هي، أما كان يصح أن تقتبس هذه الطريقة من تلقاء نفسك. . .

- كنت أظنها لا تنفع إلا في اللعب. . .

- لا. . . إنها تنفع في كل شيء، وهي وحدها مفتاح الرسم. . . وانطلق الولد مسروراً لأنه اهتدى إلى مفتاح الرسم، وبقي أبوه معي وقال لي:

- أنا أيضاً كنت ارسب في الرسم لما كنت تلميذاً.

- وأنا أيضاً.

- ولنا وللولد العذر، فالرسم موهبة من الله ولا يصح أن نطالب به كل إنسان، ولست أدري لماذا تصر وزارة المعارف على أن تجعله مادة إجبارية. . .

- صحيح إن الرسم موهبة، ولكن ليس معنى هذا أن تغفل وزارة المعارف تعليمه تلاميذها، وإنما الواجب أن تعلمهم إياه، فالموهوب منهم تنكشف بالتعليم موهبته وتنصقل، وغيره يتمكن بالإرشاد والممارسة من الإقبال عليه في غير كراهية ولا تذمر، وليس هناك شك في أن الرسم يربي الذوق البصري، وليس هناك شك في أن كل مبصر محتاج إلى تربية هذا الذوق في عينيه إن لم يكن للرسم فللملاحظة والإدراك، وتمييز الأشياء، وإدراك المنظورات. . . هذا هو الذي يحمل وزارة المعارف في الدنيا كلها على الاهتمام بالرسم والعناية به. وكل ما في الأمر أننا هنا لا نزال في حاجة إلى معلم الرسم الصحيح، كما أننا لا نزال في حاجة إلى المعلمين الحقيقيين في غير الرسم. . . وقد يؤلمني أن أقول لك إن قليلين جداً من المعلمين هم المولعون بما يعلمون، وإن اكثر المعلمين في مصر يؤدون عملهم على أنه عمل يرتزقون منه لا أكثر ولا أقل. . . وإلا فقل لي كم من معلمي الأدب في مصر أدباء، وكم من معلمي الجغرافيا في مصر غادروا القطر أو المدن التي يعملون فيها، وكم من معلمي الكيمياء في مصر انشغل بتركيب أو تحليل خارج المدرسة، وكم من معلمي الرسم في مصر لهم عمل يعرفه الجمهور أو لا يعرفه. . .

- إن لمعلمي الرسم اتحاداً، وقد قام اتحادهم معرضاً زاره وزير المعارف منذ شهور وأثنى عليه. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>