- أهذه خاتمة المطاف؟. إه. . الحمد لله على كل حال. . الحمد لله لك يا رب. . انه تلميذي علمته ومنحته قسطاً من قلبي، وعلمت أباه من قبله، وعلمت أبنه من بعده، ولكن لا بأس، إن أمور المعارف بيده. ومن حقه ان يفعل ما شاء، وعاد فقرأ الخطاب للمرة الرابعة:(. . . ولأنكم لا تحملون شهادة تخولكم حق إدارة مدرسة ابتدائية لا نرى بداً من أن. . .)
كنت منذ عامين محرراً في الجريدة الوطنية الكبرى (الأيام) فجاني يوماً ناع، فنعى إلى الشيخعيد السفرجلاني. واخبرني أن هذا منصرفه من دفنه، فبلغ بي الألم مبلغه، وجعلت مقالي في ذلك اليوم عن الشيخ. ولما قدمته لرئيس التحرير. قال لي أحد الرجال الكبار في دمشق، وكان في غرفة الرئيس ما نصه بالحرف:
بلا مسخرة، شيخ كتاب مات!
قلت: ولكنك يا سيدي تلميذه
- وإذا كنت تلميذه؟. . شيخ كتاب!
وبعد يا مولاي الشيخ:
لا تأس على أن ذهبت في غير ما ضجة ولا صخب، وأن قد سكنت قبراً في (الدحداح) لا يمتاز من مئات القبور التي حوله ولا تحيط به النصب والنقوش، وان الناس لم يأبهوا لك كثيراً، ولم يقيموا لك الحفلات، ويلقوا على قبرك الخطب. . . فأنت أشرف وأجل من كل هؤلاء الصاخبين الضاجين، ومجدك الصامت الذي بنيته في سبعين سنة لبثت فيها مناراً للعلم - وهادياً ومرشداً. أسمى من مجد هؤلاء الذي ينبى على خطبة جوفاء، أو ليلة في السجن ظلماء، أو مقالة في صحيفة رعناء.
وان كنت شيخ الكتاب، فذلك فخر لك، وحسبك فخراً أن الذين سرقوا مجدك ومجد أمثالك - هم - كما هي سنة الحياة - أشد تلاميذك حماقة وجهلاً، وأقلهم استقامة وشرفاً، وانهم ما قفزوا إلى هذه المراتب، إلا ليجحدوا فضلك وفضل أمثالك، ويسخروا منك ومن أمثالك، هي سنة الحياة، يعمل أناس ليجني الثمرة آخرون يا مولاي الشيخ:
نم مستريحاً في ظلال الخلد، فأنت أبو النهضة العلمية في دمشق، أنت صفحة من تاريخها الحديث، أنت معلم كل من قرأ في دمشق كتاباً أو خط بقلم