الجهاد بالقلم مما تنصب له الموازين فلن يكون ذلك أول نعمة يسديها رجل لم يُشرّق أو يغرّب إلا وهو متوكل عليه توكل الواثق بأن الأمر كله إليه وأن له حكمة عالية تجعل الشر على بشاعته لوناً من الخير المستطاب.
لا خوف من المستقبل مع صحة العزائم والقلوب
لم يبق ريب في أن الشرق مقبل على قلقلة تاريخية بسبب عدوان أهل الغرب بعضهم على بعض. وقد شاءت المقادير أن يتأثر الشرق بمصير الغرب لأسباب لا تخفى على اللبيب، وربما جاز القول بأن العالم كله قد ربط برباط وثيق يفرض على من في أقاصي بحر الهند أن يتأثر بما يقع لمن في أقاصي بحر الشمال، فليس من المستغرب أن يرتج الشرق للمجازر التي تقع بين الإنجليز والألمان.
فما واجبنا نحن إزاء هذه الظروف؟ واجبنا أن نذكر أن مبادئنا في تحرير الشرق لن ينالها تعديل ولا تبديل. واجبنا أن نذكر أن جهادنا في سبيل الحرية جهاد قديم، وأننا تسلمنا راية الكفاح من الآباء والأجداد. واجبنا أن نذكر أن الغرب الذي صنع ما صنع لم يفلح فيما تطاول إليه من وأد اللغة العربية والعقيدة الإسلامية.
واجبنا، واجبنا، واجبنا.
ذلك الواجب لا يحتاج إلى تعريف جديد، فهو مسطور الملامح في كل قلب، وله جذور في كل نفس، وله سلطان على كل ضمير، ولا خوف من غياهب المستقبل إذا صحت العزائم والقلوب.
فليقلقل التاريخ كيف شاءت الظروف، وليكن ما يكون بين الإنجليز والألمان، فنحن نحن، والعاقبة للصابرين في ميدان الجهاد. وسيعلم المعتدون على الشرق كيف تنهزم قوتهم المادية أمام قوته الروحية في أمد أقرب مما يظنون.