للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أمورهم وتعتدل معايشهم، فليس عدل الله أمراً يسيراً تتصرف فيه الأهواء، وتتلاعب به الشهوات والعصبيات. ليس عدل الله أمراً مما يباع باليسير من متاع الحياة الدنيا، ويهجر للحقير من أهواء النفوس، ولكنه نظام في العالم وفي الاجتماع البشري لا يستقيم شيء فيهما بدونه كما جاء في الحديث الشريف: بالعدل قامت السموات والأرض.

وآية أخرى من القرآن تجعل العدل أول صفات الله التي يقوم بها على خلقه: (شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولوا العلم، قائماً بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم). فقد شهد الله وشهد أولوا العلم من عباده أنه تفرد بالألوهية قائماً بالعدل في خلقه.

وآية أخرى تبين أن الله أوحى للناس علمه وشرائعه مع العدل، ليقوموا بالعدل في معايشهم وهو الغاية التي من أجلها أنزلت الشرائع. استمع هذه الآية الكريمة:

(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط).

وأخرى من الآيات تبين أن أوامر الله وأحكامه قائمة بالصدق والعدل لا تتحول عنهما: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته).

يبين القرآن أن الله جعل العدل نظاماً للعالم، وقياماً للخلق، وأمر به في كثير من آياته، وحث المؤمنين على أن يكون ديدنهم القيام بالعدل بين الناس، والشهادة لله على الناس بالعدل، وأن ينزهوا العدل عن الهوى فلا يميلهم عنه حب ولا كره. قال في سورة النساء: (يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا. وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً.) وقال في سورة المائدة:

(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)

أمر في الآية الأولى أن يقوموا بالعدل ويشهدوا به الله. ولا يميلوا عنه لمحبة النفس أو الوالدين أو الأقربين. وأمر في الآية الأخرى ألا يميلوا عن العدل مع من يبغضونهم فقال (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) يعني لا يحملكم بغض قوم على أن تعاملوهم بغير العدل.

وقال في سورة الأنعام:

<<  <  ج:
ص:  >  >>