العضوية المختلفة أو أضعافها، كالجهاز الهضمي والتنفسي والتناسلي والعصبي؛ وبعض هذه الهرمونات يؤثر في المخ ونشاطه. ومن الغدد التي تفرز الهرمونات الغدة الدرقية وموضعها الرقبة. وهي تفرز هرموناً يحتوي على كميات من (اليود) ضرورية لنمو الجسم ونشاطه. ويولد بعض الأطفال وعندهم ضعف في هذه الغدة، ولذلك لا ينمون نمواً طبيعياً، فيظلون أقزام الجسم، ضعاف نمو المخ، أغبياء، بطيئين في أعمالهم. ومعنى هذا أن للهرمون الدرقي أثراً في ذكاء الفرد. وتوجد غدة أخرى اسمها الغدة النخاعية وموضعها قاعدة الدماغ، وتفرز هرموناً يشبه في أثره الهرمون الدرقي، أي أن له أثراً في نمو الجسم ونشاطه وفي نمو العقل ونشاطه.
من أجل هذه الصلة بين العقل والجسم وغدده كان من الضروري لطلبة علم النفس في الجامعات الأوربية والأمريكية أن يدرسوا علم وظائف الأعضاء، والعلاقة بين الوظائف العقلية والوظائف العضوية، كما أصبح من الضروري أن يدرس طلبة الطب قدراً من علم النفس، والحقيقة أن علم الطب وعلم النفس يكمل الواحد منهما الآخر، لأن موضوعهما واحد وهو الإنسان
- ٦ -
ولمعرفة علاقة صحة الجسم أو مرضه بالذكاء يجب أن نفرق أولاً بين ما يسمى نسبة الذكاء الثابت عند الفرد وبين نوع الإنتاج وجودته، وقد أجريت عدة تجارب في هذا الموضوع، وكلها تقريباً يؤكد أنه ليس للمرض أو الصحة أثر في نسبة الذكاء الثابت إلا إذا حدثت العلة في سن مبكرة وأصبحت دائمة. وأما العلل الطارئة كتسويس الأسنان، والتهاب اللوزتين، والعمى، والصمم فإنها تضعف من كمية المنتج ونوعه، وإن كانت لا تؤثر في نسبة الذكاء الثابت. ويقول الأستاذ فريمان:(إنه ولو فرضنا أن مرض الجسم أو ضعف نموه لا يؤثر كثيراً في نمو العقل فإنه من الممكن أن يؤثر تأثيراً محسوساً في القدرة الإنتاجية للفرد وفي وظائف مواهبه العقلية، وعل كل حال يجب أن نذكر دائماً أثر المرض وضعف الجسم كلما حاولنا أن نحكم على ذكاء الفرد من مقدار إنتاجه)
أما صاحبنا الذي أشرت إلى ذكائه في طليعة هذا المقال فمن يدرينا لعله لو كان سليماً لكان إنتاجه أكثر وأكمل من إنتاجه أثناء المرض