شكسبير، مثلاً هي بعينها الأفكار التي جالت في ذهن رجل الشارع، ولكن هذا الأخير لم يتح له أن يعبر عنها كما أتيح لشكسبير؟ على أن هذه النظرية ليست من المستحدثات كما يخيل إلينا الأستاذ متولي؛ وإنما هي في لبابها لا تخرج عن قول بعض الأقدمين: إن الشعر هو الأسلوب، وإن المعاني على (قوارع الطريق) وهي نظرية كانت منذ بعيد.
ويقول الأستاذ متولي بعد ذلك:(إن الأستاذ علي محمود طه رجل فنان بلا شك، لأنه قال (الجندول) فكان (كذوباً)! إنه يمثل ذلك الفنان الذي يشعر بالشيء ولا يستطيعه، فيتغنى به وهو نفسه يعلم أنه لم يركب تلك (الجندول) التي أرانا إياها في عرض القناة في ذلك الجو الساحر في فينيسيا) فهل يكون الأستاذ علي محمود (كذوباً) إذا صح أنه مثل ذلك الفنان الذي يشعر بالشيء ولا يستطيعه فيتغنى به؟ كلا! إنه يكون صادقاً كل الصدق، لأنه يصور لنا حالة نفسية من حالات نفسه الممتازة التي تحلم وتتمنى، وهل يكون الذي يحلم في نومه برغبات نفسه المكبوتة كاذباً، على أن أستاذنا (الزيات) قد قال كلمته النبيلة، وإذن فقد (قطعت جهيزة قول كل خطيب). نعرض بعد ذلك لزعم الأستاذ متولي في أول مقاله إن الناقد الأديب هو نفس الأستاذ علي محمود طه وأنه إنما نقد مسرحية بشر فارس تشفياً منه. فنقول له كيف اكتشف هذا الاكتشاف؟ إننا نعرف أن اسم (الناقد الأديب) لا يعرفه إلا الناقد الأديب نفسه، والأستاذ الزيات، فمن أيهما عرف الأستاذ اسم الناقد الأديب؟ أمن الناقد الأديب نفسه، أم من الأستاذ الزيات - وهذا مستحيل - الحق أنه لا هذا ولا ذاك، ولكن الأستاذ متولي أراد أن (يمثل دور) البوليس السري في هذه القضية الأدبية.
أما بعد فقد قرأنا حديث السرقة في شعر الأستاذ علي محمود فابتسمنا لصاحبه ابتسامة الرثاء والإشفاق، ثم قرأنا المقال الذي ظاهره فيه الرحمة، وباطنه من قبله العذاب، فابتسمنا لصاحبه ابتسامة الرثاء والإشفاق أيضاً، وأنا أنصح لهؤلاء السادة أن يحاولوا بلوغ شأو الأستاذ علي محمود طه من طريق غير هذا الطريق. أما هذه المناورات التي يقومون بها على اختلاف أساليبها، وتعدد صورها، فقد انتهت - والحمد لله - إلى الفشل والإخفاق، وبقي الأستاذ علي محمود طه عند جمهرة الأدباء (شاعر الحب والجمال)، بلا جدال.