فإن بدا للزيات أن يعضّ بنان الندم على ضياع حظه من لقائي بالمنصورة فليفعل، فقد كانت معي أطايب من الحديث لا تذاع إلا هناك، وكان في نيتي أن أدله على أشياء وأشياء من أسرار المنصورة الفيحاء، وكان وكان، ولكنه قليل الحظ من الطيبات.
كان الزيات يهدد ويهدد: كان يقول إن زيارة المنصورة قد تكفّ شر المنصوريين في التزيد على (ليلى المريضة في العراق).
وذلك والله هو السر في زيارة المنصورة بعد موسم الصيد: صيد الأسماك.
أما بعد فللمنصورة حقوق تعرفها القلوب، فإن قضى الدهر بألا أبيت فيها غير ليلة واحدة فقديماً صنع الدهر ما صنع في حرمان أرباب القلوب.
رباه! متى تعود أيامي؟
متى أرجع إلى تدوين الملاحة في البلاد التي يسقيها النيلُ الوفيُّ الأمين؟
متى يتسع الوقت لدرس ما في مرابع الوطن الغالي من غرائب السحر والفُتُون؟
ما هَلّ بلدٌ في وجه القطار إلا وثب القلب، فما في وادينا بلدٌ خَلَت أرباضه من آثار الحروب بين العيون والقلوب، حتى كدت أومن بأن كل بلدٍ في مصر هو صورة من صور سنتريس أو بغداد أو باريس.
وطني! أنا أحبك، أنا أحبك.
ولو أنني أستغفر الله كلما ... ذكرتك لم تُكتَبْ عليّ ذُنوبُ