ويؤسفنا أن نقرر، لو أن الأستاذ متولي، وهو الذي يحمل شهادة ماجستير للفلسفة، تعقب المراحل الحديثة التي مر بها علم النفس بعد العهد الذي ألف فيه (ريبو) كتابه (المخيلة الخلاقة الذي هو عمدته في النقد، أي بعد عام ١٩٠٠، لعرف أن علم النفس الذي أفدت منه الرمزية كثيراً قد دخل في طور جديد تبدلت على أثره أوضاع في الأدب عامة، وفي الرمزية خاصة، كما تشهد بذلك مسرحيات (بيراندللو)، (جيرودو)، (جانتيوم)، وأن الرمزية المستحدثة أصبح مدارها خفايا النفس وبواطن الأشياء، وهو ما عبر عنه بشر فارس في مقدمته:(استنباط ما وراء الحس من المحسوس. . . الخ).
وقبل أن ننتقل من هذا نود أن يقف القارئ على آراء علماء اليوم فيما كتبه (ريبو) خاصاً بالمخيلة التي هي أساس في كتابه المذكور، وذلك كما وردت في مؤلف كبير يدرس اليوم في جامعة السربون بباريس، وضعه جمهرة من علماء فرنسا:
(يلوح لنا أن علم النفس عند (ريبو) في مسائل المخيلة والاختراع لا يزال تحت تأثير النظرية الآلية البسيطة الخاصة بتجزؤ الذهن إلى ذرات متجاورة)، ومن ذلك نرى أن حديث (ريبو) عن المخيلة في جميع العناصر المختلفة، قد أصبح موضع نظر، بعد أن بين الفيلسوف الأمريكي المعاصر (وليم جيمس) وغيره، أن مجرى الضمير متصل متلاحق من حيث إنه حقيقة متحركة، ومن حيث إن الفكر في تطور دائم، وكذلك قرر (بيرجسون) الفيلسوف الفرنسي المعاصر، أن الحياة النفسانية اندفاع وابتداع في زمن متصل الحركات.