في اليابان في مدى سنين قلائل خمسين ألفاً من الأنفس وفي الحرب الروسية اليابانية خمسة وسبعين ألفاً من الروس ذهبوا جميعاً بطريقة مماثلة للطريقة التي لاقت بها طيور ايكمان حتفها.
تبعاً لالتهاب عصبي عام يقف عمل الأرجل وتضرب عن حركتها الحرة، وتذهب حساسية الجلد، وتشل العضلات نظراً لعدم استعمالها أو القدرة على تحريكها، وتضمحل وتضمر الأطراف السفلى حتى العجز، وأخيراً يهبط القلب ويتجمع الماء في الأنسجة ويعقب ذلك النهاية المحتومة.
ومذ اكتشف حوالي عام ١٨٨٠ أن الأمراض الناقلة ترجع إلى وجود دقائق حية - عُزي كذلك انتشار مرض البري بري إلى تلك الكائنات الدقيقة - ولقد ذهبت عبثاً جهود الوفود الطبية التي أرسلتها الدول إلى البلاد الموبوءة للكشف والبحث عن مسببات مرض البري بري.
ولا عجب إذا سلّم الدكتور ايكمان بهذا المبدأ السائد وعمل على فصل الدجاج الجديد الذي اشتراه عوضاً عن الفاقد وأبعده عن بقية الدجاج المصاب منعاً لانتقال عدوى الالتهاب العصبي - ومع هذا لم تمنع هذه الاحتياطات الجدية من إصابة الدجاج والحمام الجديد - ولكنه عندما بدأ يغير لها أصناف أكلها لم يقف تقدم المرض في الحيوانات الجديدة فقط بل تحسنت كذلك حالة الطيور القديمة المريضة ولما تبين الدكتور ايكمان هذه الحقيقة فطن إلى أن بقايا الأرز التي ترسلها مطابخ المستشفى بسبب ما - لا تصلح لغذاء طيوره فأحب شراء ما يلزمها من حبوب الأرز من خارج المستشفى ومن هذا اليوم وقفت تماماً تطورات أعراض مرض البري بري.
ولكنه في كلتا الحالتين - حالة المرض السابقة وحالة زواله - استمر إطعام الطيور بحبات الأرز. فما سر هذا الانقلاب إذن؟ ببحث الطبيب وتقصيه تبيّن له اختلاف نوعي الأرز الذي أطعمه طيوره، فالأرز الذي قدمه للطيور من مخلفات مطابخ المستشفى حتى يوم الانقلاب كان مقشوراً أبيض. أما الآخر الذي اشتراه من السوق فكان حافظاً لقشوره وما زال بأغلفته. لم يبق شك لدى الطبيب ايكمان في الصلة بين قشرة الأرز وهذا المرض بعد أن أوضحتها التجربة وأبانتها الخبرة، ولما تأكد من نتيجته هذه أراد أن يعبر عليها إلى