مرض البري بري في الإنسان كي يحصل على نتيجة أخرى أهم وأجدى، ويصل إلى معرفة سبب إصابة بلاد الأرز بهذا المرض العضال.
وكان للياباني تاكاكي فضل السبق ببضع سنين في الوصول إلى أن مرض البري بري لا صلة له أصلاً بنظريات العدوى والانتقال، وصرح بأن هناك صلة بين البري بري ونوع الغذاء العام.
فهل يا ترى لم يتم بعد - حتى مع الاكتشاف العرضي للبري بري في الطيور - فتح ثغرة ما تلقى شعاعاً من نور يبدد هذه الظلمات والتخمينات؟
بحماس أكيد ورغبة صادقة تقد الدكتور إيكمان لترتيب تجاربه السابقة العرضية، فبدأ بمجموعتين صحيحتين من الدجاج والحمام، أطعم أولاها أرزاً مقشوراً، فما لبثت طويلاً حتى استشرى بينها المرض وتفشى فيها الداء ولم تقو أرجلها على حملها وذهبت سريعاً صرعى. أما المجموعة الثانية فأطعمها أرزاً غير مقشور، فلم تظهر عليها أعراض ما، وظلت صحيحة سليمة، ولما أبدل الغذاء لكلتا المجموعتين (بأن قدم لكل واحدة ما كان يقدمه للأخرى). انعكست الصورة فبرئت الطيور السقيمة، وظهر على الصحيحة أعراض الإصابة بالبري بري.
طار بعدئذ إيكمان ظفراً وفرحاً لوصوله إلى النتيجة وإن لم تكن كلها، لأن تعليله في شرحه للظواهر التي فطن إليها كان مستقيماً وكافياً إذ ذاك - ولو أنه غير متمشٍ مع الحقائق الثابتة - واعتقد إيكمان باحتواء حبات الأرز على نوع من السم ساري المفعول في الإنسان والحيوان، ويكون مرض البري بري نتيجة أو أعراضاً لفعله في الجسم وسريانه فيه، كما اعتقد بأن الترياق المضاد لهذا السم والذي يفسد مفعوله كامن في قشور الأرز. فأكل الأرز إذن مع قشوره ضمان لمصاحبة الترياق الشافي. وبهذا قضى البحاثة الهولندي على النظرية الخاطئة السائدة حينذاك عن انتشار البري بري أو الإصابة به عن طريق العدوى. وللإيضاح يجب التنويه بأنه ليس هناك شيء في حبوب الأرز، ولكن هناك شيئاً ينقصها، وتبعاً لنقص هذا الشيء أو غيابه في الطعام العام يستسلم الإنسان والحيوان للمرض؛ ولمعرفة هذا الشيء احتاج العلم لأكثر من عشر سنين لاحقة لهذا التاريخ.
ولقد كاد النسيان يطوي هذه النتائج الباهرة للبحاثة الجليل الشأن إيكمان، ولم ينل من