جهوده أي غنم أو مكسب إلا بعد مضي ثلاثين عاماً إذ حصل مع زميله الإنجليزي الكيميائي هوبكنز على جائزة نوبل في عام ١٩٢٩.
واعترض طريق إيكمان كثير من العقبات عندما جاهر بنتائجه التي قلبت كل قديم وكل مسلمة رأساً على عقب، ولم تسلم هذه النتائج من الطعن والتجريح، ولم تدّعم وتثبت إلا في عام ١٩١٠ عندما رحل الطبيب الألماني ماكس موسكفسكي إلى فينا الجديدة في وسط أفريقية للبحث والتنقيب عن البري بري، وكان قد مهد لبحثه بقراءة ودرس ما كتب حتى ذلك الوقت ومطالعة المذكرات الصحيحة والمطبوعات عن مرض البري بري ورأى ما صرح به إيكمان الهولندي عن نتائجه واتخذ كل هذا دليلاً ومرشداً، وأخذ يجمع المعلومات من الوطنيين سكان البلاد. وكان من ضمن ما حصل عليه من أقوال هؤلاء المواطنين أن المرء يستطيع تحصين نفسه ضد البري بري أو الشفاء من أعراضه عند سقوطه فريسة له إذا ما تناول بجانب وجباته نوعاً من الفاصوليا يسمى (الفاصوليا المشعة) وفي لغة أهل الهند الهولندية: (كاتيانج إيدجو) وقد يكفي حتى منقوع هذا البقل في الماء بعد غليه فيه، فاستنتج موسكفسكي من هذا أن هناك شيئاً في قشور الأرز والبقل المذكور (الفاصوليا) ضرورياً جداً لحفظ الصحة وعند غياب هذا الشيء ينشط التهاب الأعصاب وأن هذا الشيء ليس بالبكتريا ولا بالسم.
وفرض على نفسه ورجال بعثته ألا يأكلوا سوى الأرز المطبوخ في ماء من منقوع الفاصوليا - وبدلاً من انتظار ظهور أعراض المرض التي لا تسلم منها أبداً أمثال هذه البعثات - تمتع هو ورفاقه بصحة موفورة طوال عام عاد بعده إلى وطنه ألمانيا يفاخر بتغلبه على هذا المرض.
وكما يقول المثل (زامر الحي لا يطرب) أو (لا يُسمع النبي في بلده) كذلك شهر الناس بمسكفسكي وسفهوا رأيه، ولكنه لكي يبرهن على صحة أقواله ويدلل على أن مرض البري بري ليس من الأمراض المعدية التي تنتقل بالعدوى وأنه مرض يتصل اتصالاً كلياً بغذاء الإنسان وما يعده لطعامه - قام بإجراء التجربة على نفسه معرضاً حياته النافعة للخطر المحقق، وفي سبيل العلم ومنفعة بني الإنسان امتنع عن جميع ألوان الطعام العادية غير الأرز مدة أربعة شهور ونصف شهر. وكانت النتيجة الحتمية طبعاً أن وقع مريضاً يرزح