النهائية رأى والي الأمر أن يظل في فرنسا ستة أشهر أخرى ففعل، وعاد بعدها إلى مصر، وتولى منصبه في معية الأمين.
وفي سنة ١٨٩٦م ناب عن مصر في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في جنيف من أعمال سويسرا.
وما برح شوقي يتدرج في المناصب حتى تولى رياسة القلم الإفرنجي في المعية الخديوية. ولما نشبت الحرب الكبرى أزيل عن منصبه. ثم رؤى له أن يغادر البلاد، فاختار برشلونة من أعمال أسبانيا مثوى له ولأسرته. ولم يؤذن له في العودة إلى مصر إلا بعد أن استقر السلام العالمي.
ولقد رأيت أن أكبر منصب سما إليه شوقي في معية الخديو هو رياسة القلم الإفرنجي، على أن نفوذه وسلطانه لقد تجاوزا شأن هذا المنصب إلى حد بعيد، فلقد نال من الحظوة عند ولي الأمر ما لم ينله من قبل أحد. فكانت داره (كرمة ابن هانئ) مثابة طلاب الحاجات، ومورد المستشفعين من كل ناحية، صغار الناس وكبارهم في هذا بمنزلة سواء. فلقد كانت إشارته حكما، وطاعته عند أكثر الحكام من بعض المغانم
ولقد كانت مصر إلى ذلك العهد تابعة للدولة العثمانية، فكان شوقي كثير الاختلاف إلى الآستانة، فلا يكاد يدخل الصيف من العام إلا وهو على جناح السفر إليها، فلا يلقى من أولياء الأمر هناك إلا الإجلال والنزول في منزل الكرامة. ولقد انتهى إلى الخليفة في إحدى السنين خبر مقدمه فأمر بان يقيم ما أقام هناك ضيفاً على مقام الخلافة. وأنعم عليه بالرتبة الأولى من الصنف الثاني وهو يتقدم بها على بعض من يحملون لقب الباشوية. كما انعم عليه بكبار الأوسمة من الدولة العلية، ومن ألمانيا (قبل الحرب) ومن الدولة السورية.
وكان، رحمه االله، شغفاً بالسياحة في الغرب وفي بلاد الشرق القريب، ولكنه في مؤخرات عمله قصر سياحاته على البلاد السورية واللبنانية، فيلقى من أعيانها وأدبائها أبلغ العطف وأعظم الإكرام.
وفي سنة ١٩٢٧ عقد في مصر مؤتمر لتكريمه اشترك فيه عنق من رجالات مصر وعلمائها وأدبائها، وحضر إليه عدد غير قليل من أعيان الأدباء في الأقطار العربية. وتوجت حفلة التكريم برعاية حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم فؤاد الأول حفظه