ذلك هو تاجور كله، سرمدي لا تقول هو الماضي ولا تقول هو الحاضر، وتهم بأن تقول: هو الهند فتسمع على البعد هامساً يقول: كلا، بل هو النفس الإنسانية في براءة الطفولة وحكمة الأجيال.
تاجور لا تروعه ضجة العصر الحديث فينسى الماضي الأزلي، ولا يستغرقه الماضي الأزلي فينسى ضجة العصر الحديث. هو كطائر الشفق الذي يرفرف بين النهار المولي والليل المقبل. لحظة هنا ولحظة هناك، ثم يغيب في القمراء لأنها ظل الصباح وغشاء المساء
أو كما يقول هو إن الماضي يحتوي الحاضر، والحاضر يفسر الماضي. . . أو كما يقول: وقّر الماضي ولكن لا تعش فيه.
أهو رجل إنساني؟
نعم، ولكنه لا ينسى الهند. فلما دعته جامعات كندا للمحاضرة فيها أبى أن يلبي الدعوة لأن الكنديين في ذلك الحين لم يعطفوا على القضية الهندية. ولما اضطرمت نار الخلاف بين بلاده والحكومة البريطانية رد ألقابه وشاراته إلى تلك الحكومة.
أهو رجل هندي؟
نعم ولكنه لا يتعصب ولا ينسى سماحة الروح، فقضى ما قضى من أيامه يدعو إلى اللغة البنغالية ليكتب بها الأدباء ويتعلم بها المتعلمون، ولكنه لم يتقيد بأصولها العتيقة التي لا موجب للتقيد بها. . . حتى كان الأساتذة الجامدون في الجامعات يمتحنون الطلاب بشذرات من كتب تاجور يفرضون عليهم أن يردوها إلى اللهجة البنغالية الصحيحة.