وتبادر اليأس إلى نفسه، وتراخت أعصابه، وكاد يتسرب من المسرح ويدع الجمهور ويهرب، لأنه كره أن يخرج إلى الناس بارداً في موقف يجب أن يكون فيه كالإعصار أو أشد ثورة. . . وبينا هو في هذا اليأس المعتم أبصر بالأستاذ أحمد علام يتبختر بين الأستار منتظراً أن يحين موقفه وأن يناديه مدير المسرح. . .
فأسرع الأستاذ جورج إلى الأستاذ علام وقال له بهذه الطفولة الضخمة المتجسدة فيه:
- هيجني يا علام. . . أغضبني!
- العفو يا أستاذ!
- لا عفو، ولا يحزنون، أريد أن أغضب وأن أثور. . . اضربني. . .
- لا يصح يا أستاذ. . .
- أرجوك يا علام. . .
- ولكن كيف أضربك يا أستاذ. . .
- هكذا. . .
. . . وهوى الأستاذ جورج بكفه على وجه الأستاذ علام بضربة كاد علام يفقد فيها أضراسه وأسنانه، وكانت هذه الضربة مفتاح الغضب الذي نشده جورج، فهاجت عندها أعصابه، وكانت دخلته إلى المسرح أزفت، فناداه مدير المسرح فدخل، ورآه الجمهور هائجاً مائجاً ساخطاً كما يجب أن يكون السخط والغضب فرضي عنه. . .
ولكنهم لم يروا علاماً الصريع الذي كان يتلوى بين الكواليس من الوجع والألم. . .
يا حبيبتي يا بنتي
وكان على الأستاذ عزيز عيد أن يخرج على الناس باكياً في مشهد من رواية لا أذكرها هي أيضاً. . . والأستاذ عزيز في طبعه صبر متأصل، ورضى متمكن؛ ورجل هذا شأنه، لا يستطيع أن يبكي بسهولة. ولذلك، فأنه حاول البكاء قبيل مثوله بين أيدي الناس، فلم تجبه من عينيه دمعة واحدة
فماذا صنع؟
رأى ابنته عزيزة الصغيرة تلعب مع الممثلين والممثلات، وتطفر في أرجاء المسرح من هنا إلى هناك، فجاءته فكرة عجيبة. . .