وهلاكي؛ إذن لاحتفظت لنفسي براحة الضمير إذ فقدت راحة القلب! ولكنني لم أكن اعرف؛ وكان الدهر يدخر لي البقية. . .
. . . ولقيت صديقي (فلاناً) على غير ميعاد؛ وجلس يتحدث إلي. . . وأرهفت أذني للسمع، وخيل إليّ وهو على مقربة مني وأنا أستمع إليه أن بيني وبينه من البعد مسافة تسافر فيها الأحلام وتثوب؛ وجثم على صدري كابوس مفزع لا يخف ولا يتحلحل؛ وهممت أن أتكلم فما أطقت الكلام؛ ودار رأسي مثل خذروف الوليد بين قوتين تتجاذبانه، وتناثرت أشلاءً على مكاني. . .
ولما أفقت بعد برهة لم يكن بجانبي أحد غيره، ورن صوته في مسمعي:(رفقاً بنفسك يا صديقي! إنك تتعب نفسك أكثر مما تطيق!).
ثم خلفني وآلامي، ومضى! إذن فهو ذاك؟ إنها زوجته! وهجرت المدينة يا صديقي إلى حيث أحاول التكفير عن خطيئتي والفرار بنفسي؛ وهجرتها بلا وداع، ولكنها لم تتركني وشأني؛ لقد أصابها من ذلك مثل سعار الجوع في الكلب الضالّ
وكان زوجها يتحدث إليها حديثاً من حديثه، فحسبته يعرّض بها، فثارت به، ثم اندفعت في ثورتها؛ وابتسم الرجل وتمتم بكلمات، وألقى الشيطان في أذنها كلمات غير ما قال؛ فزادت ثورةً وهياجاً، وقالت:(بلى، إنني أحبه، وسأتبعه إلى آخر الدنيا!).
وعلا بكاء طفل، طفلٌ رضيع لم يفتح عينيه على الحياة إلا منذ أيام معدودات؛ وقلب الرجل عينيه بين الطفل وأمه، وقال في همس:(إذن فهو ولده؟. . .)، وفتحت الأم فمها مدهوشة وبرّقت، وسألت:(أتراه يظن. . .! ويلي!).
ونالني رشاشها على مبعدة يا صديقي وما جنيت جناية. . .
. . . ذلك كل ما كان من أمري وأمرها؛ أم تراني جنيت إذ أحببت امرأةً أحبَّتني، أنا الذي عاش ما عاش من عمره لم يؤمل أن تعطف عليه امرأة؟. . . نعم، لقد كان ذلك عملاً لا ينبغي، ولكن. . .
قلت:(ولكنه أودى بشرف امرأة، وهناءة رجل، وضَيْعةِ طفل يَتِمَ في حياة أبويه، وصيّرك في أعين الناس إلى ما ترى. . . أنتَ ما جنيت يا صديقي، ولكن ثم جنايةَ رجل؛ فمن جناها؟).