وهنا أجد الفرصة لإقناع معاليه بأن تقوية اللغة العربية في المدارس الأجنبية لن تضطره إلى الوقوع في نزاع مع وزارة المالية، فهو يستطيع أن يدبر بكل سهولة أن يدبر أربعة آلاف جنيه للشروع في تحقيق ذلك الغرض النبيل، ومن هذا المبلغ تقدم الإعانات لعدد كبير من المدرسين الفنيين في المدارس التي تتطلع إلى إعانة وزارة المعارف. . . ولمعاليه أن يتصور كيف يكون فرح اللغة العربية بهذه الأربعة الآلاف وهي مبلغ ضئيل بالقياس إلى ما تجره من النفع الحق في تقوية اللغة العربية بالمدارس الأجنبية.
بأربعة آلاف فقط، وهي مبلغ يقدم لمدرسة واحدة من المدارس المصرية، بأربعة آلاف فقط يشهد التاريخ بأن معالي الدكتور هيكل باشا قدم يداً كريمة للمدارس الأجنبية، وبأربعة آلاف فقط يشهد الأجانب بأن المصريين يعرفون معنى الحرص على إعزاز اللغة القومية.
وقد أمضي إلى نهاية الشوط فأقول: إن معالي الدكتور هيكل باشا يستطيع أن يصدر قراراً باعتبار مدرسي اللغة العربية بالمدارس الأجنبية مدرسين منتدبين من وزارة المعارف كالمدرسين الذين ينتدبون للتدريس في الحجاز والشام ولبنان والعراق، وعندئذ يعرف هؤلاء المدرسون أن لهم حقوقاً محفوظة في الأقدمية والترقية فتقل رغبتهم في التطلع للالتحاق بالوظائف الحكومية، ويشعرون بأنهم في رعاية الدولة، وبأنهم ليسوا من المنسيين، وبأن من الهوان أن يردوا إلى مدارس الحكومة، لأن ذلك معناه أنهم عجزوا عن الظفر بثقة المدارس الأجنبية، وهي ثقة لها معنىً دقيق.
فما رأي معالي هيكل باشا في هذين الاقتراحين؟ وما رأيه إذا صارحته بأن اهتمامه بمصاير اللغة العربية في المدارس الأجنبية لن يؤتي الثمرات المرجوة إلا بتحقيق هذين الاقتراحين؟
يجب أن يذكر معالي هيكل باشا أن المدارس الأجنبية في طريق التمصر والاستعراب، وهي خطوات تستأهل التشجيع، فإلى من نتوجه إذا بخل بهذا التشجيع، وله أبناء يتعلمون بالمدارس الأجنبية، ولهم عليه حقوق؟
ولو كنت أعرف أني أحرج معالي وزير المعارف بهذين الاقتراحين لما استبحت نشرهما بطريقة علنية، وإنما أعرف أنه اهتم بهذه المسألة مرات كثيرة، ولم يعد من الأسرار أن