وقد كان للرسم في اللغات الأوربية فضل كبير في تيسير النطق بكثير من الأسماء المتداولة المركبة من عدة كلمات، فقد جرت العادة أن يكتفي في التعبير عن هذه الأسماء بذكر الحروف الأولى للكلمات التي تتألف منها:
; وشاع هذا الاستعمال في أسماء المخترعات، والشركات، والأحزاب، والفرق الحربية، والنظريات، والشهادات العلمية. . . وما إلى ذلك. وقد أنزلت هذه الرموز منزلة الكلمات، وأخذ الناس يصرفونها وينسبون إليها ويشتقون منها أفعالا وصفات. وللاقتصار عليها وكثرة استخدامها في الحديث والكتابة تنوسي أصلها عند عامة الناس، وأصبح كثير منهم يعتقد أنها كلمات كاملة (النازي، الأنزاك. . . الخ).
وللرسم أثر كبير في تحريف النطق بالكلمات التي يقتبسها الكتاب والصحفيين عن اللغات الأجنبية. وذلك أن اختلاف اللغات في الأصوات وحروف الهجاء والنطق بها وأساليب الرسم، كل ذلك يجعل من المتعذر أن ترسم كلمة أجنبية في صورة تمثل نطقها الصحيح في اللغة التي اقتبست منها. فينشأ من جراء ذلك أن ينطق بها معظم الناس بالشكل الذي يتفق مع رسمها في لغتهم، ويشيع هذا الأسلوب من النطق، فتصبح غريبة كل الغرابة أو بعض الغرابة عن الأصل الذي أخذت عنه. وليس هذا مقصوراً على اللغات المختلفة في حروف هجائها كالعربية واللغات الأوربية، بل يصدق كذلك على اللغات المتفقة في حروف هجائها كالفرنسية والإنجليزية. فجميع الكلمات الإنجليزية التي انتشرت في الفرنسية مثلاً عن طريق رسمها في الصحف والمؤلفات ينطق بها الفرنسيون في صورة لا تتفق مع أصلها الإنجليزي: - ; - ; ; ; ;. حتى أن كثيراً منها لا يكاد يتبينها الإنجليزي إذا سمعها من فرنسي.