للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تتم مشروعاتكم التعليمية وتنضج - فتكلون إلى أنصاف المتعلمين من الشعب الفصل في شئونكم السياسية؟ إن هذا لقلب للموضوع وللوضع المنطقي! الواجب أن يكون عندكم أولاً نظام عام للتربية يكوّن هؤلاء المواطنين الذين وصفتهم في نقاشك، وحينئذ تكلون إليهم مطمئنين الإشراف على سياسة الدولة داخلية وخارجية، غير أني أعتقد أنكم متى كوّنتم هذا النوع من المواطنين كامل التربية لم تعد ثمة حاجة إلى أية حكومة

المربي: لقد عدت بنا من حيث بدأنا. إن العالم لم يصل بعد إلى المثل الأعلى، ولن يصل إليه، فلا مفر من مواجهة الواقع كما هو، ونحن في بلادنا نعتقد أننا إذا وكلنا إلى المواطنين العاديين الإشراف على أمورهم ومستقبلهم فإنما نعطيهم الحرية التي بدونها نرى الحديث عن الفضيلة والخلق لغواً

أفلاطون: لقد قلت الآن إن الغاية من قيام الحكومة هو منع الأفراد أن يتعدوا في تصرفاتهم إلى حقوق الآخرين، وإلزامهم أن ينصرفوا لأمورهم ويدعوا غيرهم وشأنهم، فإذا كان الأمر كذلك فمن واجب الحكومة، في سياستها الخارجية، أن تحول أيضاً بين أفراد شعبها وبين تعديهم إلى حقوق غيرهم من أفراد الشعوب الأخرى. وأنت الآن تريد مواطني بلادك أن يوجهوا الحكومة فيما تبحثه من الشئون العالمية، وأن يتدخلوا فيما تقرره منها. ومعنى هذا أن سياستكم الخارجية ستكون طبعاً خاضعة لنفوذ ذوي المصالح الشخصية من المواطنين الذين همهم الوصول إلى منافعهم المادية على حساب الشعوب الأخرى

المربي: كلا، إننا نتوقع عكس هذا. إن عامة الشعب لا ترغب في الحرب، وليس له مطامع مادية أو استعمارية، إن هذه إلا مطامع تجار السلاح والذخيرة والرأسماليين. أما عامة الشعب فتريد السلم والعدالة العالمية

أفلاطون: هذا جميل حقاً، ولكن هل يعرف أفراد الشعب كيف يحققون هذه المبادئ العالمية السامية؟ دعني أنبئك وما ينبئك مثل خبير؛ إن فن السياسة فن دقيق صعب المراس، وإن علوم الحرب ليست من العلوم التي تدرك في يوم؛ فهل ترى أن أفراد الشعب خبيرون بفنون السياسة عليمون بتاريخ العلاقات الدولية؟ أو هم فقط غيورون متحمسون تدفعهم العواطف النبيلة، فإذا ما صدمتهم الحقائق الصماء ذهبوا كفقاعات الصابون في الهواء

المربي: نحن الآن جادون في تعليمهم فن السياسة والعلاقات الدولية. ولكن الحق هو أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>