للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المربي: من غير ما شك. وآية ذلك أن الحكومة لا تستطيع الآن - كما كانت تستطيع من قبل - أن تقرر في الخفاء أي شأن من شئون السياسة الخارجية

أفلاطون: إن سؤالي مرة أخرى هو: هل كان لاهتمام الشعب بالسياسة الخارجية أثر في اعتدال هذه السياسة وتحسنها؟

المربي: أجل، لقد جعل اهتمام الشعب بالسياسة الخارجية الحكومة تدرك تبعة تصرفاتها، وأنها مسئولة عنها أمام هذا الشعب الذي انتخبها، فهي إذاً لا تستطيع أن تعمل ما تشاء، ولكن ما يشاؤه الشعب

أفلاطون: ولكن هب الحكومة أرادت أن تفعل شيئاً تراه هي صالحاً، ولا يراه الشعب كذلك، فما هو الموقف؟

المربي: نحن نعتقد أنه من الحكمة أن يفعل الشعب الفعلة الخاطئة بإرادته وحريته متى قرر ذلك بدلاً من أن يكره على عمل الصواب. . .

أفلاطون: كأني بك تعتقد أن الحرية خير من الفضيلة؟

المربي: لا، لا أعتقد هذا. ولكن الرأي عندي أن الفضيلة مستحيلة بدون الحرية. إنك لا تستطيع أن تكره الطفل على أن يكون خيِّراً، بله الكبار من الرجال والنساء

أفلاطون: قد تكون على حق! وإذاً فلماذا تريدون الحكومة مادام الشعب يريد أن يعاني التجارب القاسية بأفعاله الخاطئة وتصرفاته الحمقاء، وهو مطمئن لأنه قام بها بمحض حريته ومجرد رغبته. ألا ترى أن الأصلح إلغاء النظام الحكومي نهائياً!؟

المربي: إن أسئلتك كالحلقة المفرغة لا يدري لها طرف. وإنك لتلعب بعبارتي وتتهكم حتى ليحسبها السامع جوفاء. . . لا يختلف اثنان في أنه يجب أن يحال بين الأفراد وبين أي تصرف يتنافى مع حرية غيرهم. وهذه هي الحكمة في قيام الحكومات، ولكن يجب أن تترك الحرية لأفراد الشعب بقدر المستطاع ليقرروا بأنفسهم مصير شئونهم. إن الهدف الذي نرمي إليه - نحن المربين - في هذا العصر هو أن نعد مواطنين يحسنون استخدام حقهم الانتخابي، ويعرفون كيف ولِمَ ينتخبون، فلا ينتظر منهم أن يكونوا خبراء في شئون السياسة والاقتصاد، ولكن يكفي أن يكونوا ذوي بصر وفكر بهما

أفلاطون: ألست تقر أنكم لم تكوّنوا بعدُ هذا النوع من الرجال؟ فلِم إذاً تتعجلون - قبل أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>