روايته عملاً مطبوخاً وغير ناضج عام ١٩٣٨ فيما أذكر، بعد أن قدم توفيق الحكيم (شهرزاد) عام ١٩٣٤ مثلاً رفيعاً للأدب الرمزي، ليس في أدبنا وحده، ولكن في جميع الآداب، فكيف لا نصف (بروكلمن) بالغفلة إذا اعتبر مفرق الطريق (بداية تطور) مع أننا قبل ذلك وصلنا إلى غاية الغاية برواية توفيق الحكيم؟!
٢ - والمسألة عند زكي (محصورة فيما إذا كان بشر قد استلهم في كتابة مسرحيته. . . من (كذا) الفيلسوف (كانت). أو هو استوحى فلسفة برجسون، وهذا الحصر مرفوض لأنه لا معنى له عند من (يشعر) بمعنى الإيحاء أو الإلهام و (يعرف) طريق النظر في أية فلسفة، وكذلك هذا الحصر ليس إلا لفاً حول الموضوع ورجوعاً إلى (الخناقة على اللحاف)
٣ - والأستاذ زكي يصف أسلوبه بأنه (أوضح وأدنى إلى الثقافة العربية) وأنا لم أعرف أني (مستشرق) وإذا كانت المصطلحات الفلسفية غريبة على ثقافته، فليس هذا من خطئي ولا هو مما يدعوني إلى أن أسوق له عبارات مبتذلة كي يفقه قولي. وعلى أي حال، كنا نحب أن نحمد الله لأنه (لم يغب عن ذهن زكي) التفريق بين (الصورة) و (الفكرة) في الفن، لولا أنه عاد فقال إن (اقتصار الفن على الصورة أو الشكل لا يعني أن يكون هناك فن رفيع وفن رخيص، وفن أصيل مبتكر وفن متبع مقلد، وشاعر يسرق وكاتب يستمد) قال هذا فبدا لنا عقله كصندوق حروف، ورأيناه هو كأنه (مطبعجي) يرص الحروف وهو لا يقصد من ورائها إلى معنى في نفسه محسوس، ذلك أن الفن يجب أن يكون رفيعاً، وإلا فهو تهريج لا نسميه فناً، ويجب أن يفيض عن الروح طريفاً لطيفاً، وإلا فهو شيء صناعي لا حياة فيه؛ أما عبارة الشاعر الذي يسرق والكاتب الذي يستمد، فقد نرجو إعادة حروفها إلى (الصندوق) إذا كان ممكناً، فلا يقرؤها الناس فيسيئوا الظن بصديقي المعروف من أهل الفن
٤ - ويحدثنا الأستاذ طليمات عن (شرائط الفن المقطوع بها) في المسرحية، ويحددها بأنها (مراعاة بلاغة العرض لحوادثها وجودة الحبك لمشاهدها، وبراعة الحوار ولطفه، وعمق التفكير وانسيابه إلى أعماق النفس يكشف عن خفاياها)؛ وهذا الحديث يذكرنا بذلك الطراز من نقاد المدرسة القديمة الذين يحتفظون بعدد من (الكليشيهات) يضيفونها إلى أسماء الشعراء والأدباء، من غير نظر ولا تأمل، فإذا الفرق بين شاعر وشاعر أن هذا (جزل