الألفاظ)، وأن ذاك (سلس الأسلوب)، وأن الآخر (حسن الديباجة). زكي معذور في هذا، لأنه يتصور الفن تصوراً (ميكانيكياً) لا أثر فيه للعاطفة، فيبتدع تلك (الشرائط) ويقطع بها وحده، ويحاول أن يفرضها علينا قبل أن يطبقها، ولو استطاع تطبيقها لما انطبقت إلا على الرواية الفاسدة التي لا يمكن أن تصدر عن روح فنان، وإنما يخرجها (مصنع تزييف)
٥ - ولقد كان الأستاذ زكي يستطيع أن يصفني بالتفلسف لو أنني أخذته إلى مجاهل ما وراء الطبيعة، ورحت أحدثه في نظرية المعرفة عند (كانت) أو (برجسون)، بينما نحن نتكلم في مسألة فنية، ولكني أردت أن أهديه سواء السبيل، فأخذت بيده إلى علم الجمال الذي موضوعه الفن، وبدلاً من أن يبهره هذا النور الجديد رأيته، كالتلميذ الكسلان، يركب رأسه، ويأبى متابعتي؛ بل رأيته أكثر من هذا يطالبني بأن أترك مصطلحات علم الجمال إلى ما يدعي أن رجال المسرح اصطلحوا عليه حتى يكون قولي قائماً على الدقة والإحكام في نظره. يطالبني بهذا الكفر، وليته كان صادقاً، فرجال المسرح لم يصطلحوا على شيء اسمه (الرمزية الفنية)، وهذا الشيء لا وجود له إلا في (صندوق حروف) الأستاذ المخرج الممثل
٦ - وفي هذه الحُزُون، يصل الأستاذ زكي إلى الهاوية السحيقة، ويدفعه بشر، ويسقط، فإذا هو مبقور البطن مجدوع الأنف مصلوم الأذن، ثم هو، مع ذلك كله، يأسف من أجلي راثياً لأني لم أتعقب (المراحل الحديثة التي مر بها علم النفس بعد العهد الذي ألف فيه (ريبو). . .) ولأني لم أعرف (أن علم النفس الذي أفادت منه الرمزية كثيراً قد دخل في طور جديد تبدلت على أثره أوضاع في الأدب عامة وفي الرمزية خاصة) وبعد الأسف والرثاء (يود) الأستاذ العالم أن نقف (على آراء علماء اليوم فيما كتبه (ريبو) خاصاً بالمخيلة. . . وذلك كما وردت (كذا) في مؤلف كبير يدرس اليوم في جامعة السوربون بباريس) ويزيّف علينا أن (وليم جيمس) يقول في هذا الكتاب: (يلوح لنا أن علم النفس عند ريبو في مسائل المخيلة والاختراع لا يزال تحت تأثير النظرية الآلية البسيطة الخاصة بتجزؤ الذهن إلى ذرات متجاورة) وأخيراً لا ينسى حضرته أن يصف وليم جيمس بأنه (الفيلسوف الأمريكي المعاصر)
ولو أمكن إيجاد محكمة تحفظ كرامة العلم وتحاسب المستهترين بقدسيته وتعاقبهم على