٧ - وأنا لم أستنكر أن يحاول صديقي زكي أن يناقشني في مسائل الفن والفلسفة، فهل هو يستكبر إذا فسرت له نصاً فلسفياً لم يفهمه فأفسد ترجمته؟ (راجع النص الفرنسي وترجمة زكي ص١٥٤٨ - العدد ٣٧٩ من الرسالة) رضى أو لم يرض فواجبنا يحتم أن نعلمه أن الرمزية الميتافيزيقية (الفلسفية عند (ريبو) هي الرمزية الفنية التي يتكلم عنها الفيلسوف نفسه في صفحتي ١٦٩ - ١٧٠ من كتابه ' ولو أدرك زكي أنه لا وجود لغير نوعين من الرمزية، لعرف أن الرمزية الميتافيزقية، أو الفلسفية، هي بعينها الفنية، ولا استطاع أن يفهم (ريبو) ويترجمه في أمانة؛ وإلا فهل وجد هو (ريبو) يذكر اصطلاح في أي فصل من فصول كتابه؟!
إن زكي في حيرته ودورانه يدعي أني (أخلط خلطاً صريحاً) بين الرمزية الفنية وبين ما يسميه (رمزية ما وراء الطبيعة)؛ فهل يتفضل الزميل بأن يفسر لنا هذه الرمزية الثالثة التي يضيفها إلى النفس الإنسانية وكأنه يريد أن نتصور إنساناً بثلاث أرجل أو عيون مثلاً؟!
٨ - بقي أن نهمس في أذن الصديق زكي أن تاريخ الرمزية الفنية، هو تاريخ تطور العقل البشري، وأن هذه الرمزية إذا كانت قد بلغت بهذه الصور المركبة، فهي قد بدأت بالأساطير في أحضان الدين، بل يرجع تاريخها إلى ابتداع الحروف الأبجدية كرموز تدل على أصوات، وهي في جميع مراحلها تقوم على أساس (سيكلوجي) واحد. والفرق بين هذه الرمزية وبين الرمزية الصوفية هو أن الأخيرة تعتمد على رموز شخصية ينتزعها الصوفي من نفسه انتزاعاً ليس فيه أي عنصر عقلي، ولهذا السبب لا يفهمها أحد غيره، بينما الرمزية الفنية تقوم على رموز تنتزع من الحياة العامة، فتكون عند جميع العقول
ولقد أكتفي بهذا القدر لأن الأستاذين زكيا وبشرا يذهبان في مناقشتي على غير أساس من العلم الوضعي، مما أشاع الغلط والسفسطة في كل سطر كتبه زكي، ومما جعل المناقشة معهما سقيمة عقيمة؛ فإلى أن يجدا ما يقولانه في (الموضوع) سيجدانني في كل لحظة مستعداً لتقديم كل ما يحتاجانه لدراسة الرمزية وفهمها، على أن يعاهدني الدكتور بشر ألا يحاول التأليف، فليس الفن قواعد وتطبيقات، إنما الفن فيض من عند الله، يؤتيه من يشاء