من المقرر أن النوم وسيلة طبيعية للراحة وتجديد القوى التي تستنفدها اليقظة. فيجب أن يكون النوم إذن سباتاً عميقاً في ظلام لا ينقطع. وإذا كان الأمر كذلك فلا معنى إذن للأحلام، وهذا ما قرره الكثيرون من العلماء. ولكن (فرويد) رأى فيها وسيلة للتفريج عن العواطف والشهوات المكبوتة وتحريرها من حكم العقل وسيطرته عليها. وهكذا تقوم الأحلام مقام الأفعال التي أبينا إتيانها في اليقظة. وقد قال أفلاطون:(يكتفي الرجل الصالح بأن يحلم بما يفعله الرجل الشرير في اليقظة)
هذه هي النظريات الأساسية التي بنى عليها (فرويد) علم تفسير الأحلام. وقد أبينا شرح وسائل هذا العلم وطرق التفسير لأنها كثيرة متشعبة، وهي في مجملها متروكة لفطنة الطبيب وذكائه
على أن الحلم ليس الوسيلة الوحيدة لتعرف شخصية المريض وشهواته المكبوتة. فهناك طريقة أخرى يقول (فرويد) بأن العالم النفساني يستطيع أن يمارسها في كثير من الدقة والصبر، وهي أن يفسح المجال للمريض ليتحدث بكل ما يمر بخاطره من غير إمعان فكر أو تحكيم عقل
يستلقي المريض على مقعد طويل بينما يجلس الطبيب إلى مكتبه بحيث لا يراه المريض الذي يجب أن ينسى حضوره. ثم يأخذ المريض بالكلام يلقيه على عواهنه فيدلي بكل بادرة تمر بذهنه، بينما يصغي إليه الطبيب ويلاحظ ما يجد فيه دلالة على حالة مريضه
ولاشك أن هذه الطريقة صعبة وخطرة لأن المريض الذي تعود الكبت قد لا يبوح بكل خلجات ضميره، ولأن العقل الواعي يسيطر أبداً على اللسان بالرغم من إرادة الإنسان، ولأن المريض كثيراً ما يكون قد أعد قصته ليرويها للطبيب فلا يستطيع الانفكاك من أثرها
لذلك يجب أن يطول المجلس وأن يتكرر أكثر من مرة، وأن يتذرع الطبيب بالصبر الطويل حتى ينفد صبر المريض فتجري على لسانه ألفاظ يستطيع الطبيب بواسطتها أن يتعرف إلى حقيقة الداء. والأمر بعد ذلك موكول إلى مهارة الطبيب وذكائه