وإنني أتساءل: متى يمكن لأفكارنا أن تسمو عن الاهتمام بمثل هذه الفوارق التي يجب أن تتلاشى مادامت رسالة الأديب نبيلة في مرماها مجدة في الرفع من شأن الأدب؟
والأمر الثاني الذي دهشت له هو رد الأستاذ النشار نفسه وتلبيته دعوة كهذه، ولم أخرج إلا بنتيجة واحدة من كلمته، وهي أنه قد انتهز فرصة الكلام عن أدهم ليرميه بمر الذم والتعريض؛ وإنني أرجو أن تكون نية الأستاذ النشار - وقد كان صديقاً لأدهم - بريئة مما استطعت استنتاجه من كلمته
ليتكلم عن أدهم وأدبه كما يشاء، ليناقش آراءه الأدبية والعلمية إذا أراد، فهذه رسالة الناقد؛ أما أن يدخل في أمور شائكة كهذه، فهذا ما لا يقره عليه أحد، وخاصة أنها تتعلق بشخص انتقل إلى جوار ربه، فللموت حرمة يجب علينا تقديسها
شعبان فهمي
إلى الأستاذ النشار
في عنقك الآن قلادتان: أولاهما للأستاذ إسماعيل أدهم - رحمه الله - وأخراهما للأدب الحديث
أما قلادة أدهم فأرى أن يَوحْك بما (قال لك) قد يحيك له وشياً من الخلود لا يخلق ولا يبلي. أما قلادة الأدب فأعتقد أن أدب الأستاذ - وإن كان جافاً لا يخلب كما قال الأستاذ محمد عبد الغني حسن في مقاله - إلا أنه جديد في أفق الآداب، ورأيه غريب في سماء الآراء
وعالم الأدب الآن محتاج إلى كل جديد، ودنيا الآراء عطشى إلى كل غريب
فإن صح ما تقول فهنيئاً لبحر أدهم بغواص يتصيد الدرر الخبيئة، ولعالم الأدب بمرآة تشع نفساً غامضة تاهت (حتى حقائق نسبها) عمن تعرضوا لموضوعه الشائك فراح أخوه يخطئهم (الرسالة من عدد ٣٦٩ إلى ٣٧٣)
على أني لا أرى عليك حرجاً من (إنفاذ الوعيد) بل إن إنفاذه للزام عليك (إن صح إن هذا وعيد) لاسيما وقد اختارك لذلك واختار لك أقوى الوسائل المغرية للكتابة عنه في فلسفة عملية تكشف عن نية مبيتة للانتحار