البلاجرا في الأوساط الفقيرة فقط في البلدان التي تعتمد في غذائها على الذرة اعتماداً كلياً فاستنتج من هذا ارتباط مرض البري برى بالتغذية. وذهب بعض الباحثين في استنتاجهم إلى وجود مواد سامة في حبوب الذرة التي تكون قد أصابها الفساد والعطب من جراء التخزين. وأكتسب هذا الاستنتاج بعض الأهمية والسند من الحالة الاقتصادية الرديئة التي عليها الطبقات الزارعة الفقيرة التي ترغمها هذه الحالة إلى حصاد الذرة مبكرة قبل تمام نضجها ثم تخزينها رطبة تخزيناً غير صالح يضر الحبوب ويفسدها
ومما قوى الزعم في اتصال البلاجرا بالذرة أنه في مدينة ترنتينو بإيطاليا حيث تنتشر البلاجرا، أخذت الإصابة في نقص تدريجي أثناء حرب ١٩١٤ - ١٩١٨ بسبب هبوط عام في محصول الذرة؛ مما أضطر القوم إلى الالتجاء لأنواع أخرى من الغذاء غير الذرة ولكن الحقيقة التي لا جدال فيها، والتي يؤيدها العلم الحديث - كما ثبت كذلك في حالة البري بري - هي أن مرض البلاجرا. لا يرجع إلى وجود مادة ما في الذرة، ولكن يرجع إلى شيء ينقصها ولا يوجد فيها، وينشأ عند غيابه ظهور أعراض البلاجرا. وتعليلاً لهذه الصلة الوثيقة التي تربط مرض البلاجرا كنتيجة للتغذية بالذرة، نجد الذرة نفسها لا تحتوي على كميات ملحوظة من الفيتامين زد على ذلك افتقارها إلى المواد الزلالية. عاملان أو مادتان لابد عند نقصهما في الغذاء العام من رضوخ الجسم إلى تجارب واضطرابات غذائية قاسية، ولكنه يجب، مع ذلك أن تظهر البلاجرا في حالة أية تغذية أخرى لا تحتوي على الفيتامين ولا تدخلها الذرة بتاتاً وهذا ما حصل وشوهد أخيراً في المناطق الصناعية الأوربية التي يسودها عدم كمال التغذية ووفرتها ففي بعض البلاد السويسرية وفي برلين وفينا وبرسلاو وهامبرج أصيب بعض ساكنيها بالبلاجرا ولو لم يقربوا الذرة بتاتاً إلى مآكلهم وأفواههم
ومما دعم القول بأن مرض البلاجرا هو نتيجة لنقص الفيتامين وبدون سابق أية تغذية بالذرة - النتائج الأكيدة التي حصل عليها عند إجراء تجارب غذائية على القردة والكلاب والفيران فهذه أصيبت بأعراض مرضية شديدة الشبه بأعراض البلاجرا لدى الإنسان وذلك بإطعامها غذاء نزع منه الفيتامين كلية. ولقد توصل العلم إلى الكشف عن الفيتامين إلى درجة مرضية كما أمكن تحضير بلورات صغيرة منه من الخميرة وهو فيتامين يقاوم