فرأيت الحرب كانت لدى العرب من أفعل مثيرات الشعر كما يقولون: الشعر يوحيه الحب والحرب والموت
لقد هاجت الحروب شعراء العرب فقالوا في التحريض على القتال ووصف المعامع، والصبر والإقدام فيها، والجبن والفرار، والنوح على القتلى، والتغني بالانتصار؛ ووصفوا الخيل والسلاح، وأكثروا في كل ذلك وأتوا بالعجيب
وإننا لو نظرنا فيما بين أيدينا من شعر العصر الجاهلي لوجدنا نحو نصفه مقولاً في الحروب وما يتعلق بها، وكان كثير من الشعراء يستوحون الحرب أكثر ما ينشدون مثل عنترة الفوارس وعمرو بن معد يكرب
وقد أختار أبو تمام مجموعة من شعر العرب فكان نصيب الحروب منها أكثر من الثلث، على تنوع الأغراض الأخرى وسماها (الحماسة) تغليباً للشعر الحماسي
وقد اطرد قول الشعراء في الحروب وفي العصور الإسلامية المختلفة، فكان الشعراء يصفون المعارك الحربية في صدد مديحهم للخلفاء والأمراء، ويشيدون بشجاعتهم وبلائهم فيها. وقد صحب الثورات والانقلابات في الدول الإسلامية قيام كثير من الشعراء مناصرين ومعارضين، وهذا أبن هانئ الأندلسي - مثلاً - يجد متصفح ديوانه أغلب قصائده في مديح الفاطميين ووصف حروبهم وشجاعتهم.
وقد كان من كل ذلك نتاج شعري عظيم تزخر به كتب الأدب العربي
ومن أحسن ما قبل في وصف الحروب قولُ عمرو ابن معد يكرب:
الحرب أول ما تكون فتية ... تسعى بزينتها لكل جهول
حتى إذا حميت وشب ضرامها ... عادت عجوزاً غير ذات حليل
شمطاء جزت رأسها وتنكرت ... مكروهة الشم والتقبيل
ألا ليت شعري، ألم يشعر جبابرة الحرب الحاضرة الذين يحيلون خيرات العالم إلى حمم - أن الحرب قد صارت عجوزاً شمطاء لا تطاق عشرتها. . .؟